فريد و«ألفا سنتوري»

ا تزيد المسافة من العاصمة وحتى أبعد منطقة مأهولة في الدولة على 100 كلم، بينما تبلغ المسافة من العاصمة وإلى الشمس 150 مليون كلم. وهذه المسافة تتطلب من الضوء 8 دقائق للوصول لنا، فسرعة الضوء تبلغ 300 ألف كلم في الثانية.
ويقول الفلكي عادل حسن السعدون: إننا إن خرجنا من المجموعة الشمسية، وبقينا ضمن مجرة درب التبانة، التي تحتوي على أكثر من 200 مليار نجم، فإن أقربها هو النجم «ألفا سنتوري»، الذي يبعد عنا 4.3 سنوات ضوئية. والسنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء خلال سنة، وقياسها يتم بضرب سرعة الضوء في الثانية وهي 300 ألف كلم في 60، وهو عدد الثواني في الدقيقة، وضرب الناتج في 60، وهو عدد الدقائق في الساعة والناتج نضربه في 24 وهو عدد الساعات في اليوم، والناتج نضربه في 365.25 وهو عدد أيام السنة، وبالتالي تكون مسافة السنة الضوئية تسعة تريليونات ونصف التريليون كلم في السنة. أي أن «ألفا سنتوري» يبعد عنا 40 تريليون كلم!
وبالمقارنة مع الشمس فإن «سنتوري» يبعد عن الأرض 300 ألف مرة. ولو أرسلنا سفينة فضائية إليه تسير بسرعة 28 ألف كلم بالساعة فإنها ستصل بعد 165 ألف سنة.
***
بعد التغيير الذي «طال انتظاره» في وزارة الأوقاف، من خلال منصب وكيلها، الذي أصبح من نصيب حزب سياسي ديني مختلف، دأبت الوزارة مؤخرا على نشر إعلانات في مختلف الصحف عن ترتيب لزيارات لثلة من «العلماء» للكويت لإلقاء محاضرات دينية في مختلف مساجد المحافظات. وهذه ظاهرة عادت للظهور بقوة مؤخرا، ربما ترسيخا أو دعوة لاتجاه ديني سياسي محدد، أو لتنفيع فئة ما من الخطباء والدعاة.
من الغريب أن نجد أن الدين، الذي يوصف بـ«دين الفطرة»، وبعد 1400عام من ظهوره، وبعد مرور أكثر من 100 عام على التعليم النظامي، وثلاثة أضعاف ذلك على التعليم الديني، ووجود كل هذه الأعداد الهائلة من خريجي المعاهد الدينية، ودور القرآن، وآلاف الفائزين من حفظته، هذا غير جيش خريجي كلية الشريعة، لا نزال بحاجة لمن يعبر الحدود ويأتي لنا، بأجر مجز غالبا، ليلقي محاضرة دينية؟
لا ننكر حاجة الكثيرين للدين، ولكن الدين سهل وواضح، ولا يحتاج لكل هذه المحاضرات، والدليل أنه بقي عندما كانت الأمية سائدة، والجهل عاما، بالتالي نحن بحاجة للتعرف على العلوم الحديثة، ولتطوير التعليم، وزيادة الجرعة الأخلاقية وتعلم التعايش مع الآخر، فلِم لا تدعو «الأوقاف» علماء في هذه المجالات بدلا من قصر الدعوة على دعاة حزب سياسي محدد؟

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top