فقط في الكويت

قصة صاحبنا هذه لا يحدث ما يماثلها إلا في دولة كالكويت، وليس هناك مثلها الكثير.
ولد في أسرة متواضعة من أب عربي وأم كويتية.
وجد في نفسه، منذ صغره، طموحا، ورغبة عارمة تكتنفه في تحقيق شيء ما. بوصلة عقله دفعته للانتماء إلى الجماعات الدينية، وقام بإجراء بعض التعديلات الضرورية، حيث نثر كلمة «ابن» بين بقية أسمائه، وربى لحيته، وقصر دشداشته وارتدى غترة حمراء، بعد تخلصه من البنطلون والعقال، وانغمس في ممارسة الشعوذة الدينية، لكسب المال والشهرة، وتخصص في علاج الأمراض المستعصية، وفي إخراج الجن من أجساد المرضى النفسيين، ووقع المحظور، عندما أدت محاولته الغبية لإخراج الجن من جسد مواطن لوفاة المريض، نتيجة الضرب المبرح، تاركا أرملة وأيتاما أبرياء!
حكم عليه بالسجن، ولكن «المتدينين» لم يتخلوا عنه، بل شفعوا له، فتم تخفيف الحكم عنه، وخرج بعد فترة، بعد أن أصبح مواطنا كويتيا «بقدرة ما»، وأصبح مثله مثلنا جميعا، على الرغم من سجله ، وسيرته غير العطرة وتزويره في اسم عائلته!
احتضنته قناة تلفزيونية، وجعلت منه نجما ساطعا، وأصبح له أتباع ومريدون، وتصدى للفتوى، ولمهمة اختلاق القصص والروايات التاريخية، وسردها على القنوات التلفزيونية، فترك مهمة تخريب عقول القلة من طلبته الجامعيين، لمهمة تخريب العقل الجمعي لمئات آلاف من مشاهديه الجهلة، في غالبيتهم.
قاده الحماس الأجوف، وما حققه من نجاح، وما حصل عليه من مال، وتأييد قوى دينية محلية وإقليمية، لأن ينسى جذوره ومن أين أتي، وحقيقة حجمه، فأصبح يطمح للأكثر ، مستمدا بعضا من قوته من أصحاب القناة بعد أن أصبح نجما وداعية معروفا، فدخل في السياسة من أوسع أبوابها، وأصبح يندد بمواقف الحكومة، ويهاجمها بوصفها ولية نعمته، ويطالب بالتحرك وتأييد الجهات والحركات العسكرية والدينية التي يؤيدها، ويدعو للجهاد، وأصبح شيئا فشيئا جزءا من المعارضة، أو الحراك، الذي كان يطمح لتحقيق الربيع العربي في الكويت. وفجأة سحبت الحكومة البساط من تحت أيدي وأقدام الأداة الإعلامية التي كان يحتمي بها، فأصبح الرجل عاريا لا شيء يستره، ولكنه استمر في غيه، غير عابئ بالتبعات، وكانت تلك إحدى أكبر سقطاته، حيث نتج عنها إعادته لحجمه السابق، ونزع الجنسية الكويتية عنه، بعد أن حصل عليها بغير وجه حق.
لم يهتم كثيرا بقرار حرمانه من الجنسية، وكان الأقل صخبا واحتجاجا، مقارنة بمن سحبت الجنسية عنهم معه، ربما لعلمه بعدم أحقيته لها أصلا، ولأنه حقق، من خلال «الدعوة الدينية» ثروة جميلة تغنيه عن كل شيء!
واليوم يقال إن هناك فكرة لإعادة الجنسية له، وهو الذي سبق أن وصف الأسرة الكويتية بأوصاف مخجلة، وإن صح ذلك فهي مأساة، وقصة غريبة تحدث في الكويت فقط.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top