الخاتون وسمية

قام بعض رجال الأعمال، بعد التحرير بقليل، وفي غمرة نشوتهم بعودة وطنهم لهم، وما كان لأميركا من فضل في ذلك، بالإعلان في كل الصحف، وعلى صفحة كاملة ملونة، عن تأسيس مستشفى أميركي خاص.

تضمن الإعلان صور وأسماء أطباء مستشفى الإرسالية الأميركية الذين عملوا في الكويت في بداية القرن الماضي، وأن أجنحة المستشفى ستحمل أسماء هؤلاء الأطباء الكبار الذين قدموا للكويت واهلها خدمة طبية وإنسانية كبيرة، وأنقذوا أرواحا كثيرة.

ورغبة من مجلة المجتمع، لسان حال الإخوان المسلمين، في نشر الإعلان نفسه لديها، فقد قاموا بالاتصال بصديقنا، صاحب المشروع، الذي اخبرني بالحادثة، وطلبوا منه ذلك، فوافق بعد ضغط كبير، لكنهم تمنوا عليه القيام بعمل رتوش على صور الطبيبات الأميركيات العجائز، بحيث تتم تغطية رؤوسهن بالحجاب، بحجة أنهم لا يضعون في المجلة صوراً لنساء حاسرات الشعر، فما أعظم إيمانهم (!!). رفض صاحبنا الطلب، وطال الجدال، ثم تم الاتفاق على نشر الإعلان دون ان يتضمن صور الطبيبات، بل أسماءهن فقط.

تذكرت تلك الحادثة وأنا أقرأ نصا، وردني من صديق، ذكر أن كاتبه هو السيد خالد حمود بورسلي، ورد فيه ذكر لأفضال اطباء مستشفى الإرسالية الأميركية، وكيف أنه طالب في ديوانية بإطلاق اسم أطبائها، من أمثال الدكتورة ماري اليسون أو الخاتون وسمية، على أحد معالم الكويت، وأن أحد الحضور رد عليه بأن ذلك لا يجوز لأنهم نصارى وتبشيريون! وقال إنه استنكر ذلك القول على ضوء ما يراه يوميا من طول قوافل الراغبين في السفر لأوروبا وأميركا، أي لدول النصارى، إما لتلقي العلاج والسياحة أو لتلقي العلم!

وورد في النص أن الخاتون وسمية وصلت الكويت عام 1934، وتسلمت بعد فترة رئاسة عيادة النساء من أول طبيبة في تاريخ الكويت، وهي اليانور كارفرلي، الشهيرة بحليمة خاتون. واستطاعت وسمية بعلمها وثقافتها شق طريقها داخل المجتمع الكويتي، وإقناع النساء بتلقي العلاج لديها، وعدم التوجس من الطرق المتبعة، أو الخوف من التخدير.

ويستطرد بورسلي قائلا: ان أطباء مستشفى الارسالية كانوا مؤهلين ومهرة في اجراء العمليات الجراحية وتجبير الكسور وأداء اصعب عمليات الولادة. كما كانوا يجيدون التحدث بالعربية. وقال إن الدكتورة وسمية وضعت كتابا عام 1994، اي قبل وفاتها بعام، تحدثت فيه عن تجربتها في الكويت، وكان بعنوان «doctor mary in arabia»

memoirs by

mary bruins allison m.d.

وهي المذكرات التي قامت ايمان الكرود بترجمتها، ونشر مركز البحوث والدراسات الكويتية الترجمة وتتوافر لديهم نسخ منها.

وطالب السيد بورسلي وزير الصحة إطلاق أسماء هؤلاء الأطباء الأفذاذ بعلمهم وإنسانيهم، والذين خدموا الكويت لأربعين عاما، يوم لم يكن فيها لا طب ولا مستشفيات، على أجنحة المستشفيات الجديدة، فأفضالهم يجب ألا تُنسى.


أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top