قضايا الدولة

لقضايا أمن الدولة أهمية ورهبة، سواء للمتهم أو لأقاربه، ليس لشدة ما يصدر عنها من أحكام فقط، بل ولما تتطلبه من حضور شخصي أمام هيئة المحكمة أيضا، وما يسبق ذلك من إجراءات أمنية، وأخذ بصمات، ووضع قيود حديدية، وأحيانا حجز المتهم احتياطيا، أو دفع مبلغ ضمان كبير.

كان لنا نصيبنا من هذا النوع من القضايا، عندما قامت الحكومة الإيرانية، من خلال سفارتها في الكويت، بتوجيه تهمة الإساءة الى أحد رموز الجمهورية الإسلامية في مقال سابق لنا.

بعد انتظار مقلق دام بضعة أشهر، جاءت تحريات المباحث التي أفاد بها ضابط مباحث أمن الدولة الذي رأى أن ما كتبناه في مقالنا كان إبداء لوجهة نظرنا في مسألة تاريخية، بعد سردها، لإيصال فقرة محددة للقراء.

وكان ردنا في المحكمة إنكار نيتنا الإساءة للعلاقات مع دولة صديقة وجارة، بل أن ما قمنا به كان في غالبه نقل لمقال كتبه أمير طاهري في موقع إيلاف.

ثم صدر الحكم 13 – 3 – 2016 وتضمن الأمور البالغة الأهمية التالية:

تنص المادة 32 من الدستور أن لا جريمة إلا بناء على قانون، وهو ما يعرف بمبدأ الشرعية الجنائية الذي يضمن عدم الافتئات على حريات أفراد المجتمع، وبالتالي القضاء بحاجة للنص، ولا سبيل أمامه إلا القضاء بالبراءة حتى ولو اقتنع بأن ما ارتكبه المتهم مناقض للعدالة أو الأخلاق أو الدين وضار بالمجتمع. ومن الواضح ان هذه الجريمة هي من جرائم القلم الحر، لأن القاضي هو الذي يحدد ما اذا كان العمل الذي قام به المتهم يعد عملا عدائيا ومن شأنه تعريض الكويت لخطر الحرب أو قطع العلاقات السياسية من عدمه. وبالتالي لا ترى المحكمة في نشر المقالة، مهما اشتدت عباراتها، وقست الفاظها واحتدت مفرداتها، ما يشكل عملا عدائيا ضد دولة اجنبية، ولا تعبر إلا عن سرد تاريخي لواقعة تاريخية وقعت عام 1947، اقتبسها المتهم من مقالة طاهري. كما أن رأي المتهم لا يعبر عن رأي حكومة الكويت أو شعبها اللذين تربطهما أواصر الدين والجيرة، منذ قديم الزمان، بحكام إيران، سواء في عهد الشاه، أو الدولة الإسلامية، وشعبها الصديق. كما أن علاقة الكويت وإيران امتن من ان يزعزعها قول أو مقال.

وعليه تكون الأركان القانونية للجريمة المسندة الى المتهم غير مكتملة، والأمر الذي تقضي معه المحكمة ببراءته مما اسند إليه. انتهى الاقتباس.

وهنا لا يسعنا إلا التقدم بالشكر للمحامية القديرة عدوية الدغيشم، وأسرة مكتب مشاري العصيمي للمحاماة، والمستشار القانوني في القبس لصدور هذا الحكم.


أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top