أنا وهاتفي والعذاب..!

يعتبر العامل الياباني الأكثر إنتاجا في العالم، ولكنه كان قليلا ما يطالب بإجازات سنوية، وكونه سلعة جيدة، وخوفا عليه من الإصابة بالإرهاق أو المرض، أجبره رؤساؤه في العقود الأخيرة على التمتع بإجازات عمل أطول، وهكذا اصبحنا نرى السائح الياباني بكثرة في العالم، بعد أن كانوا سلعة نادرة!

كنت في عام 1965 مشتركا، كزملاء عمل آخرين، في مجلة ناشيونال جيوغرافيك national geographic. وفي أحد الأعداد استوقفتني صورة لعامل مصنع ألماني يعمل على آلة ضخمة، وبجانبها وضعت طاولة عليها مختلف علب الهدايا بربطاتها المميزة. ودون تحت الصورة ان ذلك الرجل رفض - في آخر يوم عمل له في المصنع - طلب زملائه الاحتفال بالمناسبة، قائلا إن الوقت الذي يطالبون به هو ملك للمصنع، الذي قضى فيه أربعين عاما. وإن عليهم - إن أرادوا الاحتفال - البقاء لبضع دقائق بعد ساعات العمل. وكان له ما أراد!

في عالمنا الأمور مختلفة تماما، فإن كنا مقبلين على إجازة لشهر فإننا نتوقف عن العمل قبلها باسبوع، ولا نعمل شيئا بعد عودتنا من الإجازة بأسبوع، بحجة أو بأخرى.

 

* * *

بيّنت دراسة قام بها «بنك اوف أميركا» bank of america أن %47 من مستخدمي الهواتف الذكية لا يستطيعون ان يقضوا يوماً واحدا من دون هواتفهم، وهذا الرقم يعتبر خطراً، خصوصا مع ازدياد تعلق المستخدمين بهواتفهم الذكية بشكل كبير، وبصورة مبالغ فيها، لدرجة انهم لا يمكنهم الاستغناء عنه، حتى ولو ليوم واحد. وبيّنت الدراسة - أيضاً - أن نسبة عالية لا يمكنها التخلي عن هواتفها لأكثر من ساعة، في حين ان نسبة أعلى (51 %) من مستخدمي الهواتف الذكية يفتحون هواتفهم للتحقق منها مرة واحدة على الاقل كل ساعة، و%35 يفحصون هواتفهم باستمرار، اي بمعدل مرة كل 10 دقائق. وعند سؤال المستطلعين عن الأشياء التي هم على استعداد للتخلي عنها، من «متع الحياة»، في حال سرق شخص هاتفهم الذكي، وقال لهم ان السبيل الوحيد للحصول عليه مرة اخرى هو من خلال التضحية بشيء واحد من متع الحياة، فأتت الاجابات كالآتي %45 قالوا انهم مستعدون للتخلّي عن الكحول. و%34 قالوا انهم مستعدون للتخلي عن الشوكولاتة، و%35 قالوا انهم مستعدون للتخلي عن الجنس. وبيّنت الدراسة أن الكثيرين، من الشباب بالذات، يصنّفون هواتفهم كأهم جزء من حياتهم اليومية.

الارشيف

Back to Top