البصمة الوراثية والاحتيال الأسري

تعتبر البصمة الوراثية الطريقة الأكثر دقة في معرفة نسب أي شخص، وأهم تقدم حققه العلم في مجال البحث الجنائي ومحاربة الجريمة. وكل ما يتطلبه الأمر لمعرفة نسب أو هوية اي شخص، حيا كان أو ميتا، هو الحصول على قطرة من دمه أو عرقه، او لعابه او سائله المنوي، أو حتى شعرة من رأسه. وقد عرف العالم البصمة الوراثية عام 1985، عندما توصل العالم البريطاني د. آليك جيفريز إلى أن تتابعات كل إنسان مميّزة، ولا يمكن أن تتشابه بين اثنين إلا في حالات التوائم المتماثلة فقط، بل إن احتمال تشابه بصمتين وراثيتين بين شخص وآخر هو واحد في التريليون، مما يجعل التشابه مستحيلاً، لأن سكان الأرض لا يتعدون 7 مليارات اصلا. وهي أفضل من بصمة الأصابع التي يمكن مسحها، فبصمة الدناdna يستحيل مسحها، فهي تنتقل بمجرد المصافحة.

وبعد 30 عاما من اكتشاف د.آليك للبصمة لا تزال الجهات المعنية في الكويت في حيرة من أمرها في كيفية تطبيقها، وظهر ذلك جليا في الندوة التي أقيمت في 28 الشهر الماضي، لمناقشة «البصمة الوراثية وقضايا النسب»، والتي ذكر فيها أحد المتحدثين أن الكويت رفضت اعتمادها لأن تطبيقها قد يؤدي الى «كشف الأسرار»، وهو يعني هنا أن من ادعوا أنهم ابناء أو آباء البعض الآخر أناس مزورون، وكذبة ويجب بالتالي توفير الحماية لهم، والستر عليهم!! كما تطرق مشارك آخر لمأزق قانوني وشرعي وأخلاقي آخر وذلك عندما تتضارب الأحكام القضائية، بتأكيد نسب شخص أو مولود لشخص آخر، مع ما أثبتته الفحوصات المختبرية، باستخدام تقنية البصمة الوراثية، بعدم صحة ذلك الحكم. كما أن هناك قاعدة شرعية تفيد بأن ثمرة اي علاقة جنسية تكون في نسبة المولود للأب فقط، وليس للأم التي انجبته، وبالتالي تصبح لدينا إشكالية متى ما أثبت فحص البصمة الوراثية أن الأب شخص آخر! كما تطرق المحاضرون، وهم من القانونيين والأكاديميين والجنائيين، الى حالات وأمثلة متعددة أخرى يحدث فيها تضارب بين المعمول به شرعا، والظاهر علما، ولكنهم أنهوا ندوتهم تلك دون التوصل الى قرار، فأمر البت في هذا الموضوع خارج عن إرادتهم، ولا أدري أصلا سبب عقدهم لتلك الندوة! وبالتالي على الدكتور آليك واكتشافه الانتظار لثلاثين أو مائة سنة أخرى، يكون فيها كل من كذب في نسبه وانتمائه قد مات، ليصبح بإمكاننا بعدها اعتماد هذه الطريقة العلمية، التي «ماتخرش الميه»، في تحديد هوية اي فرد، حي أو ميت، أو نسبه!

الارشيف

Back to Top