«كوداك» والكويت

أسس جورج إيستمان شركة كوداك في ولاية نيويورك عام 1888، وهي الفترة التي تقارب بدايات الكويت ككيان شبه مستقل! وكما ارتبط اسم الكويت بالنفط، عرف العالم التصوير الفوتوغرافي من «كوداك»، التي بلغ نجاحها أوجه خلال كامل القرن العشرين، عندما بلغت حصتها %89 من السوق الأميركية فقط في مجال أفلام التصوير والتحميض والطبع وغيرها من صناعة مختلف أنواع الكاميرات والأفلام الحساسة. وبدأت متاعب «كوداك» مع بداية انخفاض مبيعاتها وبطئها التقني في التحول للديجتال، أو النظام الرقمي أو الإلكتروني، وغيرها من التطورات الأخرى ككاميرات الهواتف النقالة، ودفعها عجزها عن التطوير وتنويع دخلها، وفشلها في مواكبة متطلبات السوق والتخلص من فائض العمالة ونفقاتها الهائلة، لأن تطلب من الحكومة في عام 2012، وبعد 124 سنة من تأسيسها، حمايتها من دائنيها! واضطرت مؤخرا لبيع حقوق مجموعة من اختراعاتها بمبلغ 525 مليون دولار لمجموعة من الشركات، وهذا زاد من ضعفها. وقد تستمر «كوداك» كشركة، ولكن لا يمكن أن تعود لسابق وضعها، فقد تآكلت أصولها وأصبحت عاجزة عن مواكبة متطلبات العصر!

ولو نظرنا لوضع الكويت الاقتصادي، التي تعتمد في الحصول على كل احتياجاتها، من ماء وغذاء وكساء، على مورد واحد قابل للفناء، لوجدنا أن وضعها يشبه وضع «كوداك». فالعجز عن تطوير الدولة وتحديثها، والاعتماد الكلي على التقنيات القديمة، والفشل في استثمار الفوائض النقدية بصورة سليمة، ستكون له عواقب وخيمة، ويجب تلافي ذلك والتعلم من دروس كوداك ونوكيا وغيرهما من قصص الاعتماد على مورد واحد!

• • •

• تقول القارئة «م» إنها ترى يوميا عمال النظافة وهم يجمعون القمامة من أمام بيتها وبيوت الآخرين، ويكنسون الشوارع، وعلامات الإرهاق بادية على وجوههم المتعبة وظهورهم المحنية من ظلم الزمن، فهم محرومون من كل شيء تقريبا، وفي الوقت نفسه يروننا ونحن نرتدي أفخر الثياب ونقود أفضل المركبات، ونتناول أحسن الطعام ونتسوّق من أكبر المتاجر، ونتزاور ونضحك ونمتلك كل وسائل الراحة، وننام على أسرّة وثيرة ونجلس على أرائك مريحة ونعيش حياة ترف ورخاء، وأصوات المكيفات تسرّ خواطرنا وهي تبث الهواء المنعش علينا في كل زاوية! وتستطرد «م» قائلة إنها ترى أن نظرات العاملين في الشارع لنا تنمّ، ربما، عن حقد وربما عن كره قاس! فالبعض منا يبخل عليهم حتى بكلمة حلوة، وآخرون لا يفكرون بإعطائهم شيئا من فائض طعامهم، وغيرهم يأكل حتى رواتبهم، وآخرون يلفقون التهم لهم لكي يرحلوهم لبلادهم من دون إعطائهم كامل حقوقهم. وقالت إن منظرهم يذكّرها بقطة كانت تربيها، وأن القطة لم تكن تجرؤ على تخطي عتبة البيت، وفي يوم خرجت من عندهم من دون أن يحس بها أحد، وبعد فترة عادت وهي تئن من آلام الجروح تملأ وجهها، ويبدو أنها دخلت في «صراع» غير متكافئ مع قطط الشارع، التي شفت غليلها منها وانتقمت لنفسها، لأنها كانت دائمة الإطلالة عليها، من وراء شبابيك البيت، ساخرة من شقاء عيشها، ونعيم حياتها! وتتساءل «م»: هل يا ترى لو سنحت الفرصة لهؤلاء العمال لينتقموا منا، مثل ما فعلت قطط الحي بقطتها، سيفعلون ذلك، أم أن «آدميتهم» ستمنعهم من ذلك، خاصة أن أوضاعنا متخلخلة واقتصادنا غير مستقر ولا نعرف ما ينتظر أحفادنا من مستقبل؟

الارشيف

Back to Top