الفرق بين الحرمنة والحمرنة

تطرق الزميل الصديق سامي النصف ( الأنباء 29/9 وما قبلها ) إلى موضوع أكثر من مهم يتعلق بظاهرة " محصلي الديون " . ولأهمية الموضوع القصوى فإننا سندلي بدلونا فيه .

تزايدت في المدة الأخيرة ظاهرة شركات تحصيل المديونيات من الأفراد والشركات . وعادة ما تظهر مثل هذه الأنشطة وتصبح مربحة في إحدى حالتين : إما عند ترهل وفساد الجهاز التنفيذي المناط به أمر تنفيذ الأحكام ، أو عندما تتباطأ حركة الفصل في الأحكام وتتزايد أعدادها في المحاكم بحيث يفضل الكثيرون عدم اللجوء إلى القضاء للحصول على حقوقهم من مدينيهم . ومن الأمور الطريفة ما قامت  شركة في الأرجنتين بابتداعه قبل سنوات وذلك عندما قامت بتوظيف مئات من المحصلين الجدد ذوي الأجسام الرياضية الضخمة ، حيث قامت بتزويدهم بملابس خاصة تمتاز بلونها البراق وشكلها المميز علقت بها شرائط واضحة تبين بأن مهمتهم هي " تحصيل ديون " !!! وكلفتهم بمهمة الذهاب مثلا إلى مكتب المدين أو الى بيته ومطالبته بالمبلغ بصورة ودية ، وعدم مغادرة المكان بدون تحصيل المبلغ أو الصمود أمام مكتب أو بيت المدين لكي يعرف الجميع سواء من  أهل المنطقة أو الحي أو المتعاملين مع المدين وكذلك أصحابه وأفراد عائلته أو غيرهم سوء أحواله المالية . وعادة ما يفضل الكثيرون الدفع فورا للتخلص من ذلك المحصل الثقيل وزنا وظلا ومطالبة !!! وقد حققت الشركة نجاحا كبيرا ولكن توقفت أعمالها فجأة اثر فضيحة لقي فيها أحد أحسن وأقوى محصليها حتفه في حادث تحصيل مع مدين بعضلات أقوى ، وبعد أن اكتشف الجميع براءة المدين من تهمة المديونية !!.

لا شك أن هناك مشكلة كبيرة في الكويت تتمثل في صعوبة ، وأحيانا استحالة ، تحصيل الكثير من الديون . وتأتي قضية الديون المستحقة على " المتنفذين " على رأس الديون صعبة أو مستحيلة التحصيل ، ولكن تبقى هذه المديونيات ضئيلة العدد وغير جديرة بالذكر ، ويمكن بقليل من الحذق والقناعة المالية والتجارية  تجنب الكثير منها  .
أما المشكلة التي تليها صعوبة فهي التي تكون على مدينين كويتيين من فئات قبلية معينة . حيث أن من الصعوبة بمكان الحصول على  " الدعم  اللوجستي " اللازم للوصول إلى بيت المدين ، ليس فقط لتحصيل الدين ، فهذا من تاسع المستحيلات في الكثير من الأحوال ،، ولكن كمرحلة أولى لتسليمه أمر التنفيذ أو بلاغ الحضور أمام القاضي .
أما الفئة الثالثة ، الأخطر والأكبر ، فهي حالة الشركات التي عادة ما ينتمي أصحابها إلى أكثر من جنسية ، والتي تقوم بفتح مكاتب مؤقتة ومباشرة عمليات الشراء والبيع من السوق بصورة طبيعية لفترة معينة وما أن تكتسب الثقة والاحترام حتى تقوم بعرض شيكات مؤجلة الدفع مقابل مشتريات أكبر وهكذا وفجأة وبدون سابق إنذار تكتشف مجموعة من الشركات الكبيرة أو الموردين الكبار اختفاء الشريك " البراني " في تلك الشركات بعد أن " طرطش ووزع " خيرات شيكاته المؤجلة على العشرات !! وعندما يبدأ السؤال والبحث عن الشريك " صناعة محلية " فإنهم عادة ما سيجدون وجها تملئه البراءة والسذاجة إلى درجة الحمرنة !! بعد أن قام صاحب ذلك الوجه السمح بالانتهاء من مهمته في عالم الحرمنة !!     

المشكلة خطيرة وتتعلق بجهات كثيرة كوزارة العدل والداخلية والتجارة . وعلى مسئولي غرفة تجارة وصناعة الكويت التحرك بسرعة لعقد ندوة أو تجمع ما لمناقشة كيفية الحد ، أو على الأقل التقليل ، من ظاهرة النصب والاحتيال هذه ،  وذلك عن طريق جمع كافة الأطراف المعنية بالأمر تحت مظلة واحدة

الارشيف

Back to Top