الموقف المخجل

45 ثانية هي كل ما احتاجته الهزة الارضية لكي تحول هذا البلد الجميل (تركيا) الى انقاض، ولكي تقتل وتجرح عشرات الآلاف من الكسانِ ألم يئن الاوان للقيادة التركية ان تخلع عنها ثوب العلمانية والمحاداة لله ورسوله حتى ينعم الله على شعبها المسلم بالامن والامان'؟
دِ وائل الحساوي
* * *
ما الذي دفع فريق الانقاذ الاسرائيلي، والذي ينتمي اعضاؤه للديانة اليهودية، الى المشاركة في الحملة الانسانية ومساعدة الشعب التركي المسلم في مواجهة النتائج المخيفة والخسائر الهائلة في الارواح والاموال التي نتجت عن اعظم كارثة طبيعية في هذا القرن؟
وما الذي جعل ذلك الفريق يعمل بكامل طاقته ولمدة 16 ساعة متواصلة دون كلل او توقف للحظة واحدة في محاولته انقاذ حياة فتاة تركية لم تتجاوز العاشرة من العمر دفنت تحت انقاض عمارة سكنية؟
وما الدوافع الحقيقية التي جعلت الفريق اليوناني، والذي ينتمي افراده للمسيحية الارثوذوكسية والمعادين حتى النخاع لكل ما هو تركي من بشر وثقافة وامة والذين يعتبرونهم من ألد أعدائهم، تاريخيا ودينيا وسياسيا، يقضي يوما كاملا يزيل فيه الانقاض وقطع الكونكريت الضخمة بأيدي افراد الفريق العارية في محاولتهم انقاذ حياة طفل تركي آخر دفن تحت الانقاض؟ وكيف يمكن تفسير كل تلك الدموع التي ملأت عيون افراد الفريق ومن كان حولهم من مواطنين اتراك عندما نجحوا في اخراج الصبي حيا من تحت الانقاض؟ وكيف نسي افراد الشعبين، التركي واليوناني، انهار الدماء التي سالت بينهم في عشرات الحروب التي نشبت بينهم على مدى قرون عديدة ِِ في لحظة نادرة من الزمن تحول فيها الجميع الى بشر حقيقيين؟
لا نريد هنا ان نشرح دوافع كل فريق ولا نحاول ان نجمل صورة احد ولكن نود ان نتساءل فقط عن اسباب تقاعس كافة الجمعيات واللجان الحزبية 'الخيرية'، التي لم تتوقف يوما عن الادعاء بانها ما انشئت الا لعمل الخير، عن مد يد الخير والمساعدة لذلك البلد الذي وصفه دِ وائل الحساوي بالجميل ووصف شعبه ب 'المسلم'!! ولم ينس في غمرة ذلك التشفي بمصابهم بسبب 'علمانية' حكومتهم!!.
لا ادري حقيقة، ولا اعتقد ان احدا يدري بصورة جازمة، اين تذهب كل تلك الملايين التي تجمعها الاحزاب الدينية واين تصرف؟ وما فائدتها ان لم يتم صرفها لمن هم في امس الحاجة لها ولمساعدة شعب مسلم في مواجهة اعظم كارثة طبيعية عرفتها البشرية في هذا القرن!!.
انه امر مخجل ولا يمكن تفسيرهِِ والحقيقة انني لا الوم قيادة هذه الاحزاب الدينية على مواقفها بقدر ما ألوم من يسمح لها ويسهل لها امر جمع اكبر قدر من الاموال السهلة وبمختلف الوسائل المشروعة وغير المشروعة، كما الوم من يصر من المواطنين على التبرع لها بتلك الاموال التي غالبا ما تستعمل في شراء النفوذ او تنتهي الى جيوب المجاهدين المتاجرين والحامين لأخطر انواع السموم!!
احمد الصراف

الارشيف

Back to Top