مناطق النفوذ في الملاحة العربية

كلما شاهدت صور طوابير العاطلين عن العمل، وكلما قرأت عن وجود آلاف من خريجي الجامعة وآلاف غيرهم من خريجي المعاهد والكليات من غير وظيفة مناسبة، وكلما تناهت لسمعي شكوى من هنا وتظلم من هناك، تذكرت المؤسسات الاقليمية العربية والاجنبية التي تكاد تخلو من وجود الموظف الكويتي ضمن كوادرها، على الرغم من عظم مساهمة الكويت في ميزانياتها واستضافة البعض منها على ارض الدولة.
تأتي الشركة العربية للملاحة على رأس تلك الشركات التي اصرت ادارتها على تحدي كل عرف والضرب بكل مصلحة وطنية عرض الحائط، وعدم مراعاة مبدأ المساواة في اي عمل تقوم به! فعدد من يعمل فيها من الكويتيين، وفي كافة المستويات، ضئيل بدرجة مبكية ولا يريد احد ان يتحرك لوضع حد لذلك التحيز الواضح ضد البلد المضيف، على الرغم من نسبة مشاركته الكبيرة جدا في رأسمال تلك الشركة الجاحدة.
تصدرت قبل فترة صورة السيد عبدالله ماضي، الرئيس التنفيذي ومدير عام الشركة، كافة الصحف الكويتية، وهو يعلن بسعادة ظاهرة نجاح شركة الملاحة في تحقيق 27 مليون دولار ارباحا صافية عن العام 98 (!!) ولا ادري لماذا تحتاج شركة في مثل وضعها المالي المريح (!!)، كما صرح مديرها العام، الى ان تنتظر لفترة تزيد على سبعة اشهر لكي تقوم بالاعلان عن نتائجها المالية؟؟ علما بان بامكان الادارة الحقيقية والخالية من المشاكل، وبوجود اجهزة محاسبية متقدمة، التوصل لنتائج اية فترة مالية وخلال ايام فقطِ ولقد ذكرني هذا التأخير في اعلان النتائج بالطريقة التي كثيرا ما يلجأ اليها العديد من الشركات المساهمة التي تواجه اوضاعا مالية صعبة جدا في بداية كل سنة من تأخير وتلكؤ في الاعلان عن ارقام ميزانياتها، اما بسبب وجود خلافات بين اعضاء المجلس او لوجود خسائر ضخمة لا تعرف كيفية تغطيتها، او املا في حدوث معجزة 'بحرية' او برية، تغير من حقائق الارقام! والامثلة امامنا كثيرة.
نعود لقصة اعلان الارباح، ونود ان نبين هنا ان ما اعلن عن تحقيقه من ارباح ما هو الا مبلغ تافه مقارنة بتاريخ الشركة الطويل و'خبراتها' الادارية الاطول، وما تحصل عليه من دعم معنوي ومادي مجاني من بعض حكومات الدول المشاركة في تأسيسها!
فتحقيق مبلغ 27 مليون دولار كأرباح على اجمالي ايرادات تشغيل تتجاوز 641 مليون دولار يعني ان نسبة ربح التشغيل لم تتجاوز كثيرا 4% وهذه نسبة تقل 50% عن النسب المتعارف عليها كحد ادنىِ المضحك اكثر في الامر ان لدى الشركة ودائع ثابتة تتجاوز 500 مليون دولار(!!) وما حققته من ارباح قد يكون في حقيقة الامر فوائد تلك الودائع، ولا يمكن اعتبارها بالتالي ارباحا تشغيلية(!!).
اما اذا اخذنا في اعتبارنا رأسمال الشركة البالغ 991 مليون دولار اضافة الى الاحتياطيات البالغة 100 مليون اخرى تقريبا، لوجدنا ان نسبة الارباح المحققة لا تتجاوز بكثير 2.4% وهي نسبة مضحكة، بل مبكية، بكافة المقاييس.
لا اعلم حتى الآن السبب الذي يجعل الحكومة تلوذ بالصمت على كل ما يجري في تلك الشركة من تسيب وجحود، خاصة اننا احوج ما نكون لتوفير آلاف الوظائف للعديد من الشباب المؤهل، وبامكان تلك الشركة توفير العديد منها من خلال مركزها الرئيسي الذي يقع في الكويت وبقية مكاتبها في العالمين الخليجي العربي او الاجنبي!!
نكتب ونقول فهل من يقرأ ويسمع ويتخذ القرار الصائب؟ لست ادري.
ملاحظة:
ذكرت الصحف بالامس ان ثلاثة بنوك خليجية تقدمت مرة اخرى بطلب مشترك الى مجلس ادارة شركة الملاحة العربية لادارة عملية خصخصتهاِ.
وقد رفضت الادارة، بطبيعة الحال عرض المصارف الثلاثة وذلك لرغبتها في الاستمرار في تحقيق الارباح للشركة لبعض اعضاء المجلس!

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top