خوف أم إرهاب فكري؟

أكتب في زاوية صغيرة وفي صحيفة محلية وفي فترات متقطعة!
بينما يمتلك الطرف، الذي اختار ان يضع نفسه في الجانب الآخر، المجلات والمنشورات، وتوضع تحت إمرته صفحات كاملة من صحف محلية وخارجية كما تخصص له ملاحق كاملة يكتبون فيها ما يشاؤون، وفي كل يوم، ومن خلال عشرات الزوايا والأقلام، كما ان لهم سلطة على الكثير من خطباء المساجد.
فأين أنا مما يملكونه من امكانات نشر واعلام؟
أصنف اجتماعيا بأني متقاعد، حيث أتقاضى راتبا من التأمينات الاجتماعية يقل عن ألف دينار بكثيرِ بينما هم يمتلكون الملايين من اسهم وسندات وسنابل وحسابات سرية وعلنية واستثمارات في مصارفهم وشركات ووكالات تجارية ومرابحات وبيوع أجل وبطاقات فيزا اسلامية وتكافل وتعاضد.
فأين أنا من كل هذا ماديا وماليا؟
أنتمي لأسرة من الطبقة المتوسطة، ماديا وعددياِ بينما ينتمي الكثير منهم لأسر وأفخاذ وقبائل لا عد ولا حصر لهاِ فلم الخوف مني ومحاربة كل ما أكتب؟!.
تنحصر امكاناتي في مكتبة صغيرة وعقل متسائل يحاول وضع الأمور في نصابها الصحيح، ومنهما وبهما فقط أستعين بمواد ما أكتب من مقالات، بينما هم يمتلكون ويسيطرون على المعاهد والمدارس ودور البحث، ولديهم ملفات وأرشيف مكتظ عن كل من يختلف معهم في الرأيِ كما يعمل تحت إمرتهم عشرات المستشارين ومئات المعاونين وآلاف الأتباع والمساعدين ولهم قدرة على تحريك الكثير من الخطباء وادارة العديد من المخيمات الربيعية وغيرها من الأنشطة السياسية.
فأين أنا من كل تلك القوة الرهيبة؟.
لدي مصلحة تجارية صغيرة أترزق منها قوت أبنائي، ولا أمارس من خلالها أي نفوذ؟ في الوقت الذي توجد لديهم امكانات هائلة لحشد الأتباع والانصار في كافة المصالح الحكومية، و'يمونون' على مئات المسؤولين الكبار والصغار، فلم الخوف مني ومن مواقفي؟
يدعون أنهم حريصون على الدين وغيورون عليه، ولا يريدون الا 'الاصلاح'! ولا أدري من الذي قال لهم اننا أقل حرصا منهم على مثل هذه الأمور، ولماذا يصرون على كسر يدي بعد ان ينتهوا من كسر قلمي؟.
يدعون أن أمن البلاد وسلامة العباد هما من مسؤوليتهم وحدهم! ولا ادري من الذي جعل تلك الامور تحت إمرتهم؟ وما الذي جعلهم يعتقدون بأن وطنيتنا وحبنا لوطننا وحرصنا على سلامته تقل عن درجة محبتهم له وحرصهم عليه؟.
يقولون ان باب التوبة مفتوح لديهم لكل 'عاق'، من وجهة نظرهم! وانهم سوف لن يتخذوا أي اجراء ضد من يعلن توبته! ونقول لهم: من الذي نصبكم أولياء على الناس؟ ومن الذي جعلكم مسؤولين عن استتابة الغير، وتحديد من الصالحون ومن العصاة والمنحرفون؟
وعليه، فلماذا كل هذا الخوف وكل هذه الرهبة مما نكتب؟ ولماذا تشن هذه الحرب الشرسة ضدنا؟.
هل هي عداوة شخصية؟.
أم هو موقف مبدئي اتخذتموه منا، لسبب ما لا نعلم كنهه؟.
ام أن في الأمر شيئا آخر يتعلق، ربما، بتصنيفاتكم وتقسيماتكم للبشر! فهذا سلفي وذلك شيعي والآخر مالكي والرابع حنفي وغيره زيدي والسادس حنبلي والسابع شافعي والثامن علوي والتاسع علماني والعاشر تغريبيِِ الخ! وأن لا حق، من وجهة نظركم، أن يكتب الأول عن الثاني أو العكس، أو أن يكتب الثالث عن الرابع أو التاسع عن السابع وهكذا!.
ليسأل اذا كل منصف وعاقل نفسه: لماذا تصر بعض الأطراف المتزمتة من الجماعات الدينية المتحزبة على محاربتي وغيري من المدافعين عن حقوقنا التي كفلها الدستور، والتي تأتي حرية الرأي على رأسها؟
فهل يصدق عاقل أننا نهدف الى زوال الدين وخرابه؟ على افتراض ان بامكاننا فعل ذلك(!!).
وهل يعقل ان يكون هدفنا تخريب قيم المجتمع وهدم أسسه، ونحن وأبناؤنا وأهالينا وأصحابنا من صلب هذا المجتمع ومن مؤسسيه، ولا تقل درجة حبنا وحرصنا عليه عن الآخرين، ان لم تزد؟.
أم أن في الأمر شيئا أخطر من كل ذلك؟.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top