أسباب التخلف والانحدار

كتب شيخ الدين عبدالرحمن عبدالخالق مقالين في الأنباء (14/12) حاول فيهما استعراض الاوضاع الاسلامية، من منظوره الخاص، في ضوء المتغيرات العالميةِ وقد تضمن المقالان مجموعة من الامور الجدلية القابلة للنقاش والتفنيد وحتى الرفض، والتي ستكون مسألة التصدي لهما موضوع مقال آخر.
ما يهمنا هنا ما ذكره من أن ' الغاية تبرر الوسيلةِِ' قاعدة اجرامية صاغها اليهود لاستباحة المحرمات وتحقيق الاهداف اليهودية غير المشروعةِ حيث ان من المعروف ان 'الغاية تبرر الوسيلة' هي احدى السياسات التي ورد ذكرها مع مجموعة من النصائح والسياسات الاخرى في كتاب 'الأمير' للفيلسوف الايطالي نيقوليو مكيافيللي (1469-1527)، ولا علاقة للصهاينة بالتالي من قريب او بعيد بصياغتها، وحتى لو افترضنا جدلا بأنها قاعدة صهيونية فهي لا تعدو ان تكون في نهاية الامر قولا وكلاما وجملة او قاعدة برسم الجميع ومن حق الجميع وليست مدفعا عملاقا او قنبلة خارقة التدمير لا يملك سرها وحق استعمالها الا اليهود.
فما الذي منع او يمنع المسلمين من استعمال هذه القاعدة للتغلب على اعدائهم اليهود 'مثلا'؟ وهل من المنطق والصدق مع النفس ان نقول ان اخلاقنا كمسلمين تمنعنا من اللجوء لقاعدة 'الغاية تبرر الوسيلة' عندما يتطلب الأمر اتباع ذلك لمصلحة والاسلام والمسلمين؟.
وهل ترفع ساسة الدولة الاسلامية في عصر الخلافة الأموية او العباسية او الفاطمية، وهم من لم يسمعوا قط بمكيافيللي او حكماء بني صهيون، او سلاطين بني عثمان او غيرهم من الحكام العرب يوما، عن اللجوء لمثل هذه القاعدة وكانوا المثال والقدوة للعالم اجمع؟ أليس من السذاجة الادعاء أن قاعدة 'الغاية تبرر الوسيلة' هي من صنع حكماء صهيون وهي من الامور التي لازمت البشر منذ ان كان لهم وجود؟.
ألم يلجأ 'قابيل' لوسيلة القتل للوصول الى غايته وهي الاستحواذ على زوجة أخيه هابيل؟
وكيف يفسر شيخ الدين عبدالخالق الوسائل غير الاخلاقية التي لم يتوقف يوما العديد من الدعاة و 'رؤساء' الاحزاب الدينية عن اللجوء اليها لبلوغ غاياتهم وتحقيق اهدافهم؟ وكيف قربوا وحضنوا العديد من الكتاب والصحافيين الذين تعتبر افكارهم وطريقة حياتهم على طرفي نقيض مع طريقة معيشة الدعاة الدينيين، فقط لمجرد انهم من الكتاب المقروئين والمشهورين؟.
وكيف يبرر مسألة عدم تردد العديد من شيوخ الدين، سواء المنتمين لفكره او فكر منافسيه ونواب في مجلس الأمة من المحسوبين على التيارات الاسلامية وبعض كبار وصغار مفكري الاحزاب الاسلامية، من الاستعانة بوسائل اعلام مشبوهة لتوصيل رسائلهم ودعواهم وافكارهم للآخرين الا يعتبر هنا ان الغاية تبرر الوسيلة؟
لا نريد الاستطراد اكثر، فهدفنا هنا ان نبين رفضنا لمسألة القاء تبعة كل ما نعانيه من عجز وقصور على اليهود والصهيونية العالمية والاستعمارية وأذنابهِ فقد سئمنا ومللنا من هذه التبريرات الساذجة، وحان لنا ان نضع اصابعنا على الجرح ونقول: هذا هو سبب تخلفنا في كل ميدان، وانحدارنا من كل علو، واندحارنا في كل موقعة.
احمد الصراف

الارشيف

Back to Top