'السكانر' الجديد

يواجه مجتمع هذه الدولة، الصغير بعدد أسره وبثراء العديد من افراده، مشكلة اجتماعية خطيرة تتمثل في الزيادة الهائلة في عدد المدمنين على المخدرات، خاصة بعد ان اغلقت الحكومة الحالية وما سبقتها من حكومات، وبضغط هائل من قوى التخلف، الباب امام اي نوع من انواع الترفيه او الفرفشة البسيطة امام افراد المجتمع بحجة مخالفتها لعاداتنا وتقاليدناِ فاستغل مهربو المخدرات ومروجوها هذا الفراغ فنشطوا في تجارتهم القاتلة ووصل حجم تدميرهم الى درجات لم يكن احد يتصورها، وخير مثال على ذلك عجز وزارة الداخلية التام عن القضاء على مشكلة تهريب المخدرات الى داخل السجن المركزي، والذي يفترض ان يكون اكثر القلاع الامنية حصانة وحراسة وامنا في الدولة.
حملت لنا الانباء مؤخرا خبر نجاح شركة اميركية في انتاج وتشغيل جهاز 'إكس راي سكانر' واستخدمه العديد من المطارات الاميركية، والذي بامكانه الكشف على كل ما هو موجود تحت الملابس وملتصق بالجسد من اسلحة او متفجرات او مخدرات او ادوية محظورة حتى ولو كانت مخبأة داخل الأعضاء الحساسة.
ويعتقد خبراء مكافحة الارهاب وتهريب المخدرات ان هذا الجهاز الجديد سيقضي على 90% من محاولات تهريب المخدرات الحالية التي تتم عن طريق الافراد والمسافرين.
وصرح احد مستشاري الشركة المنتجة للجهاز ان بامكان الجهاز ليس فقط اظهار الجسم البشري وهو عار تماما.
وبودنا ان نتساءل عن ردة فعل الاجهزة الامنية والافراد والمؤسسات الاهلية التي تعمل في مجال مكافحة المخدرات فيما لو ثبت لها من اعترافات المهربين المحكومين بالسجن او التائبين ان ما ذكر من ان 95% من محاولات تهريب المخدرات للبلاد (وهذه حقيقة معروفة) تتم عن طريق افراد قادمين للبلاد، وان بمقدور ذلك الجهاز الكشف عن تلك الحالات بصورة دقيقة، وما يعنيه ذلك من الحد بشكل كبير من خطر انتشار هذا الوباء القاتل بين ابنائنا، فهل ستقوم عندها الوزارة بشراء هذا الجهاز العجيب وتعميم استعماله في المنافذ؟ ولو تم تركيب هذا الجهاز في المطارات والموانئ وعلى مراكز الحدود البرية، فهل سيتم تعريض كافة المسافرين او بعض منهم له؟
ام ستعارض بعض الجهات هذا الامر بحجة انه يخدش الحياء ويخالف بصورة جذرية 'عاداتنا وتقاليدنا' مع علمنا التام بان كل يوم نتأخر فيه عن شراء واستعمال هذا الاختراع الجديد يعني وقوع العشرات من الشباب في شراك تجار ومروجي اخطر السموم التي تواجه البشرية، والتي لا نزال نعتقد باننا لا نزال في أمان منها، وان الخير فينا والشر حوالينا؟
سيتطلب الامر كالعادة، فتوى، من نوع ما ومن مصدر ما! وهذه سوف لن تكون مهمة سهلة ابدا في هذه الحالةِ فالطرف الذي سيقوم بالافتاء في هذا الموضوع سوف لن يأمن اقذع الهجوم واشرسه من الطرف الخاسر.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top