من المسؤول عن هذا الوضع؟

اعلن وزير الصحة عن ازمة جديدة تواجه الوزارة وتتمثل، وللمرة الألف، في قيام اكثر من 300 ممرضة بالاستقالة من الوزارة مما اوقع الجهاز الطبي في ازمة كبيرةِ كما صرح مدير بنك الدم بأنه يواجه مشكلة مماثلةِ وتفكر وزارة الصحة الان في سرعة ارسال وفود منها للتعاقد مع ممرضات من تونس بعد ان بلغت الامور مرحلة خطيرة في كثير من المستشفيات والمستوصفات.
يبلغ عدد سكان الكويت من مواطنين ومقيمين قرابة 2.3 مليون نسمة ويبلغ عمر التعليم المنتظم فيها اكثر من 4/3 القرن وافتتح اول معهد تمريض فيها قبل ما يقارب الاربعين عاما وبالرغم من كل ذلك فشلنا اداريا وسياسيا، كما فشل النظام الصحي والتعليمي فنيا في توفير العدد الكافي لواحدة من اهم واسهل المهن الطبية الا وهي مهنة التمريض حيث تحتاج الوزارة لأكثر من 1700 ممرض وممرضة حالا.
عندما قامت وزارة الصحة بافتتاح معهد التمريض عام 1962 كانت الكويت وقتها دولة 'طبيعية'، وكانت الادارة الصحية متفائلة وعلى يقين بان بامكانها تغطية جزء كبير من حاجة الدولة من هذه المهنة الحيوية من الخبرات المحلية وخلال فترة قصيرة نسبياِ وبدأت خطتها تأتي ثمارها سريعاِ وفجأة هبطت علينا الطيور القبيحة ذات الاصوات الشاذة، من حيث نعلم، ولا نعلم وبدأ النعيق والتهديد بالويل والثبور وعظائم الامور وتخويف الشباب والشابات من العمل في منهن معينة بحجة مخالفتها لعاداتنا وتقاليدنا، وهنا بدأت حالات التسرب من الجسم التمريضي، حيث تحولت مئات الممرضات الكويتيات للعمل في مهن ادارية لا تتعلق بمهنهن الاصليةِ كما طالب عدد اكبر مهن باستثنائهن من العمل في الفترة المسائية او في نظام 'الشفتات' بحجة ان 'العادات والتقاليد' الطارئة والجديدة، والتي لم تكن موجودة عندما قبلن العمل في سلك التمريض، لا تسمح لهن بذلك الآن! كما تسرب عدد كبير آخر عن طريق ثقب التقاعد المبكر بفضل ذلك القانون الاخرق الذي يعارض عدد من النواب 'العباقرة' مشروع تغييره.
ان الضرر الفادح والكبير الذي اصاب المجتمع وقواه العاملة من جراء تحكم الاحزاب الدينية، والمنتمية للقبلية السياسية والطائفية، في القرار السياسي والتربوي والفكري خلال فترة العقود الثلاثة الماضية هو الذي ادى بنا الى هذا الوضع البائس الذي نحن فيه الان، ولم يكن غريبا، ولا امرا غير مسبوق، ما افتى به دِ عجيل النشمي مؤخرا من ان عمل المرأة 'معصية'! حيث ينتج عنه اختلاط بالرجل 'البعبع'! فكيف يمكن في ظل فتاوى كهذه ان ننجح في تكويت وظائف مهمة وحيوية مثل مهنة التمريض؟ وكيف يمكن في ظل الظروف التي نعيش فيها ان تعمل ممرضة حتى في مستشفى الولادة دون ان تلتقي في عملها بالحارس او البواب او رجل الامن المنتدب من وزارة الداخلية او اخصائي التكييف وغيرهم من عمال الصيانة هذا غير الاطباء وكبار الاداريين من الرجال.
اقترح ان تخصص مؤسسة الكويت للتقدم العلمي جائزة سنوية لمن يأتي بأحسن اجابة على مثل هذه الاسئلة؟
احمد الصراف

الارشيف

Back to Top