افحصوها فحصا شاملا

يمد لك يده بتثاقل واضح ويأخذ منك اوراق تجديد ملكية السيارة التي تقودها، ثم يقف خلفها ويطلب منك في حركات رتيبة اضاءة اشارات الاستدارة وضوء الوقوف الخلفي والضغط بقوة على دواسة البنزين، ليتأكد من ان محرك سيارتك لا يصدر دخانا كثيفا من خلال العادم، ثم ينتقل الى امام السيارة ليقوم بفحص اضاءتها الرئيسيةِ وبعدها يطلب منك فتح غطاء المحرك ليقوم بمسح ما تجمع من غبار على لوحة رقم الهيكل ويقارن ما دون عليها بما هو مسجل لديه على نموذج التجديد، ثم يخرج ختما صغيرا من جيب بنطاله ويختم به النموذج.
لا تستغرق هذه العملية المهمة جدا، وبالرغم من خطورتها، اكثر من دقيقة واحدة، ينتقل بعدها صاحب السيارة الى المباني الجاهزة والغرف المتهالكة الخاصة بمراكز الفحص الفني في المرور لانهاء معاملات تجديد دفتر الملكية، وعادة ما يستغرق انهاء هذه العملية الروتينية، والبسيطة الى درجة التفاهة، ساعات طويلة، وفي احسن الظروف قد تستغرق العملية الكتابية عشرة اضعاف ما تطلبه فحص السيارة فنيا من وقت لمعرفة مدى صلاحيتها للبقاء على الطريق العام!.
تجربتي مع الفحص الفني في انكلترا معاكسة تماما لما يحدث في الكويت، حيث تستغرق عملية فحص صلاحية السيارة فنيا قرابة نصف يوم وتشتمل على الكشف والتأكد من سلامة اكثر من 30 بندا في السيارة من صلاحية العجلات الى دقة عمل احزمة النجاة ومتانة احزمة المحرك وصلاحية مطاط مساحات المطر، ونسبة ضغط الهواء في العجل الاضافيِِ الخ، في الوقت الذي لا تأخذ فيه عملية تجديد 'دفتر الملكية' اكثر من 5 دقائق.
ان ما بدأنا نشاهده كل يوم، والذي يتكرر في بداية فصل الصيف من كل عام، من تناثر مئات قطع المطاط الكبيرة المنسلخة عن الاطارات المتآكلة القديمة على الطرق السريعة، هو نتيجة ذلك الاهمال الواضح في عملية فحص السيارات، حيث لا يكترث من يسمي نفسه 'مساعد مهندس' بمثل تلك الامور الصغيرة المتعلقة بصلاحية اطارات السيارة والتي تعتبر اهم اجزاء السيارة على الاطلاق من ناحية سلامة القيادة.
الغريب في الامر، ان الجميع يمرون يوميا ويشاهدون عشرات القطع متناثرة على كافة الطرقات وخاصة السريعة منها، والتي يشكل وجودها خطرا كبيرا على حركة المرور ومحركات السيارات التي تصطدم بها، ولكن لا يبدو ان احدا يود فعل شيء بخصوصها.
فهل نأمل من المدير العام للادارة العامة للمرور ان يفعل شيئا بخصوص 'كارثة الفحص الفني' وقبل ان ينتقل، اي المدير العام، ويصبح وكيلا مساعدا في الوزارة؟.
احمد الصراف

الارشيف

Back to Top