من يكون فلان؟

كتبت قبل أيام عن بعض وسائل النصب والاحتيال الدولية التي تلجأ اليها بعض المؤسسات 'الغربية' والتي يتم فيها خداع بعض السذج منا، واحيانا البعض من علماء معهد الابحاث عندنا، وابتزاز أموالهم عن طريق استغلال رغبتهم العارمة في الشهرة، او لارضاء مشاعر دفينة تدفعهم لمثل هذه الوسائلِ وقد اتصل بي صديق عزيز ليحكي لي تجربته الشخصية مع مؤسسة او منظمة woh is who الشهيرة والخاصة بتوثيق اسماء مشاهير السذج في العالم، حيث قال انه استلم نموذج دعوة من تلك المؤسسة تطلب منه فيها كالعادة تزويدها بمعلومات شخصية عنهِ وما هي الا ايام قليلة حتى وردت له مكالمة هاتفية من الولايات المتحدة تطلب منه المتحدثة على الطرف الآخر تحديد موعد لمقابلة على الهاتف وذلك بخصوص طلبه المتعلق بايراد اسمه في سجل المشاهير 'هو از هو'!
فذكر لهم انه مشغول وان عليهم الاتصال به مرة اخرىِ جاءت المكالمة الخارجية الثانية وهذه المرة على هاتفه النقال وهو خارج الكويت فاضطر لتحديد موعد معين تخلصا من الحاحهم الشديد.
في اليوم المشهود حضر نفسه ونفسيته لتلك المقابلة الشهيرة ورن جرس الهاتف في الموعد المحدد وجاء على الطرف الآخر صوت رخيم وعذب وقوي وواضح في الوقت نفسه وقدمت السيدة نفسها بصفتها السكرتيرة العامة secretary general لمؤسسة 'هو إز هو' وقالت له ان طلبه المتعلق بايراد اسمه في سجل المشاهير منظور الآن وفي اللحظة نفسها التي تكلمه فيها امام مجلس ادارة المؤسسة، وحالما تنتهي من التأكد من بعض المعلومات يكون المجلس الموجود معها على الخط المباشر الآخر قد اتخذ قراره بشأن عضويته! يقول صاحبي انه امتلأ زهوا وفخرا وشعر بأهميته الكبيرة، على الرغم من قناعته التامة بعدم حاجته لكل ذلك التفخيم والاطراء فقد تمتع بالكثير في حياته، ولا يزال.
بعد مجموعة الاسئلة والتأكيدات قامت السيدة بتهنئته بعد ان بين لها جهاز الكمبيوتر ما يفيد بموافقة مجلس المنظمة او المؤسسة على طلب عضويته، وبأن اسمه سيكون من الطبعة التالية من الدليل ضمن اسماء الآلاف من المخترعين والأدباء ورؤساء وزعماء الدولِِ الخ.
وبينما كان صديقي غارقا في شبه احلامه أيقظته صاحبة الصوت الناعم الرخيم من كل ذلك وسألته عن خياراته بخصوص اللوحة التي سيتم تدوين اسمه ورقم وتاريخ عضويته عليها! وعندما سألها عن نوعية تلك الخيارات قالت له ان له الحق في اختيار ما يشاء، ففي الأولى تتم الكتابة على لوح زجاج كريستال ايرلندي خالص مع قاعدة من الرخام.
أما الثانية فتتم الكتابة على لوحة من خشب الابانوس مطعمة بمواد ثمينة ومثبتة على قاعدة من الكريستال! وعندما طلب منها توضيح الفرق بينهما قالت له بكل جدية ان الخيار الاول سوف يكلفه 5000 دولار، أما تكلفة الخيار الثاني فهو بحدود سبعة آلاف دولار فقط! وهنا عرف سبب حرصهم الشديد على ملاحقته والهدف من وراء كل تلك المكالمات الخارجية، وتبين له بجلاء ان الأمر لا يعدو ان يكون عملية نصب رخيصة فأخبرها، للتخلص منها، بأنه سيقوم بارسال شيك بالمبلغ في وقت لاحق، فقالت له ان المؤسسة لا تقبل شيكات وان عليه ان يعطيها رقم بطاقة الائتمان الخاصة به، وعندما أخبرها بأنه لا يحمل مثل تلك البطاقة لم تصدقه وأخذت تبين له الخسارة الكبيرة التي سيتحملها نتيجة شطب اسمه خاصة بعد كل ما تكبدته من جهد لاقناع مجلس ادارة المؤسسة المحافظ جدا على قبول عضويته! وهنا اعتذر منها بلطف وقال لها انه سينهي تلك المكالمة وهنا سمعها، وهو يهم بوضع السماعة من يده، تتمتم ببضع كلمات غير مهذبة في حقه.
والآن هل لا نزال نعتقد بجدوى مثل هذه المؤسسات الوهمية؟ وهل لا يزال صاحبنا الدكتور، الذي سبق ان كتبنا عن ولعه بايراد اسمه في ادلة هذه المؤسسات الوهمية مقتنعا بأنه سيجني شيئا من وراء وجود اسمه مدونا في 'كبسولة الزمن' التي سيتم فتحها بعد الف عام في احتفال عام وبحضور احفاد احفاده والذين ان سئلوا عن انجاز جدهم الأكبر فسيقولون بصوت واحد ان جدهم كان، قبل الف عام، احد موظفي معهد الابحاث 'الكويتي'!
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top