ما قبل الانهيار

يعتبر العراق دولة مكبلة بكافة اصناف العقوبات وانواعها، وتقاطعها سياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا كافة دول العالم، ويحظر على طيرانها المدني او العسكري ان تقوم له قائمة او يرف له جناح على ثلثي تلك الدولةِ ويخشى كافة مسؤوليها السفر الى غالبية دول العالم المتحضر خوفا من تقديمهم لمحاكم مجرمي الحربِ ويعتبر العراق، ومنذ عشر سنوات شبه دولة، بعد ان منعت قرارات الأمم المتحدة قواته العسكرية من دخول مناطق كبيرة من اراضيه، كما انه معزول عن كافة دول العالم ويعيش تحت حصار شديد تفرضه ارادة دولية، كما انه 'يتمتع' بكراهية كافة جيرانه له ولنظام حكمه، وتستبيح قوات البعض منهم اراضيه كل يوم وكل ليلة دون ان يستطيع لهم ردا وبالرغم من كل ذلك، فقد نجح هذا العراق المكسور بقيادته البغيضة والشاذة ونظامه المتخلف في تهديد دولتين عظميين، واجبارهما على الوقوف بجانبه ورفض الموافقة النهائية على مطالبة الكويت المتعلقة بخسائر القطاع النفطي الناتجة عن الاحتلال العراقي للكويت، والتي تمت الموافقة المبدئية عليها بحدود 21 بليون دولار اميركي.
نجح هذا العراق المهشم والمقسم بحكمه وحكومته البغيضة، وبالرغم من مقاطعة العالم اجمع لنظامه، في تخفيض مبلغ هذه المطالبة الى 15 بليون دولار والتسبب في خسارة الكويت لأكثر من ستة بلايين دولار اميركي (6.000.000.000) .
اين ذهبت عشرات السفارات الكويتية واين اختفت وسائل الاعلام الحكومية واين 'شردت' وسائل الضغط التجارية، واين دور وزارة الخارجية الكويتية؟ لماذا لم تتحرك وزارة المالية؟ وماذا حدث لهيئة الاستثمارات؟ ولماذا صمتت اصوات اعضاء مجلس الامة التي طالما لعلعت في الخوض في السخيف من المواضيع وارتفعت في الدفاع عن السقيم من الافكار؟ كيف نجح هذا العراق المهشم والمكروه في 'تخويف' دولة مثل روسيا واخرى مثل فرنسا، واقناعهما بالوقوف الى جانبه وتخفيض مبلغ تلك المطالبة ستة بلايين دولار؟ (!)
لقد سكتنا عن سرقة الناقلات، وصمتنا عندما طارت استثمارات اسبانيا ببلايينها الخمسة، وبلعنا ريقنا الجاف بعد ان انفجرت مصافينا مما تسبب في خسائر لا تقدر بثمن، ولم ننبس ببنت شفة عندما فقدنا وطننا لسبعة اشهر، ولم يدفع كائن من كان فلسا واحدا نتيجة كل ذلك الكم الهائل من الأخطاء المميتة التي حدثت قبل الغزو واثناءه، ولكن ما هذه السلبية الغريبة والعجيبة التي نتعامل بها في موضوع سرقة حقوق الدولة؟ وكيف ينجح العراق، بوضعه الشاذ، في سرقتنا وارهاب غيرنا وفرض شروطه على الأمم المتحدة واعضاء مجلس الأمن وهيئة التعويضات، ولا نستطيع، بل لم تحاول جهة رسمية او شعبية واحدة ان ترفع اصبعا واحدة احتجاجا على ما يجري؟
لا يزال في الوقت متسع، ولا يفل الحديد الا الحديد، وعلينا ان نستعمل الطريقة نفسها ونلجأ للاسلوب نفسه الذي نجح العراق فيه، ان تطلب الأمر ذلك، فمصلحة الكويت تعلو فوق اي اعتبار آخرِ فكيف نترك الساحة خالية له وتخسر الكويت ستة بلايين دولار بسبب سكوتنا عن المطالبة بحقوقنا؟
ألا يدل هذا العجز الواضح وهذه السلبية الغريبة على مدى الخلل الخطير الذي تشكو منه الادارة الحكومية والذي ينخر في الجسم النيابي؟
احمد الصراف

الارشيف

Back to Top