لكي لا تصاب بالعجب

سوف لن يصيبنا العجب لو قام وفد من غرفة تجارة وصناعة مقاطعة التيبت مثلا بمقابلة رئيس وزراء الصين لشرح الظروف المالية التي تمر بها المقاطعة وتردي اوضاعها الاقتصادية وانهيار سوق اوراقها المالية، بسبب السياسات الحكومية الفاشلة من جهة وتردي اوضاعها المعيشية الاخرى بسبب القيود المفروضة من قبل الحكومة المركزية على زيارة الاجانب للمنطقة، ومرد عدم التعجب يعود الى حقيقة ان مقاطعة التبت التي ضمت للصين قسرا قبل سنوات تبعد آلاف الاميال عن العاصمة بكين!! كما ان سكان الصين، التي سيجري بها قريبا اول احصاء سكان رسمي، والذي لم يكن يتجاوز قبل اربعين عاما 650 مليونا ومن المتوقع ان يكون قد بلغ عددهم الآن 1300000000 (بليونا و300 مليون) نسمة يفترشون قطعة ارض تبلغ مساحتها تسعة ملايين و561 الف كيلومتر مربع تقريبا!! وعليه فليس غريبا ان يقوم وفد اقتصادي من تلك المقاطعة النائية بزيارة العاصمة لشرح ظروف المنطقة الاقتصادية للمسؤولين في العاصمة، فعيون وقلوب وآذان سياسيي العاصمة ابعد ما تكون عن هموم ومشاغل ومشاكل التيبت!!.
ولكن، ان يحدث ذلك في الكويت التي لا يتجاوز عدد مواطنيها 800 ألف نسمة والتي لا تزيد مساحتها عن 17 الف كيلومتر مربع ثلثاها صحارى قاحلة، والتي تتمتع باقتصاد بسيط وقاعدة صناعة بدائية ووضع تجاري لم يتغير منذ ثلاثة عقود ولا يتجاوز كامل عدد النشطاء فيها من سياسيين وتجار ورجال اعمال واعضاء جمعيات نفع عام ومشاهير ثلاثة آلاف شخص يقومون بادارة البلد من كل حدب وصوبِِ فهنا الطامة الكبرى والصدمة العظمى.
فالكل يئن ويشتكي منذ عشرين عاماِ وجميع الجهات من وزراء وحكومات متتالية واعضاء مجالس امة وسياسيين جدد ومخضرمين وصحافيين ومعلقين واكاديمين وخبراء اقتصاديين وشيوخ من الاسرة وشيوخ دين واعضاء جمعيات نفع عام واتحادات صناعية ومالية وعقارية واكداس واكداس من دراسات الغرفة وتصريحات مسؤوليها بدءا من عضو الغرفة السابق، وزير التجارة الحالي الذي لم يقصر في تخييب آمالنا جميعا فيه، مرورا بعشرات الاعضاء الآخرين حتى لاعبي كرة القدم والسلة واعضاء نادي السينما لم يبخلوا بآرائهم في ظواهر المشكلة الاقتصادية واعراضها وطرق حلها.
وعليه، فمن المنطق الاعتقاد بان سبب المشكلة معروف لدى الجميع، والجميع هنا تعني الجميع اي الحكومة وكبار المسؤولين وافراد الشعب المعنيين بالمشكلة!!.
اذا لماذا كل هذا الهرج؟ وعلام هذه الضجة الدنيا علام؟.
وعليه فمن المنطق الاعتقاد بان الصورة كانت ولا تزال وستبقى واضحة امام صاحب القرار منذ اليوم الاول الذي بدأت فيه مشكلة المناخ وما جرته من ذيول اقتصادية ومالية وراءها.
كما ان الوضع الاقتصادي سواء لفترة ما بعد الغزو والتحرير او بعد واثناء انهيار اسعار البترول، كان باعتقادي واضحا امام صاحب القرار.
فلا اسرار ولا طلاسم اقتصادية تتطلب قيام وفود بزيارة القصور للقيام بمهمة شرح الاوضاع الاقتصادية!!، فنحن لسنا في الصين او الهند، ولا حتى اية دولة تقربنا حجما او سكانا مثل سنغافورة او اسرائيل.
وعليه، فانني اعتقد ان الوضع واضح ولا حاجة هناك لزيارات او توضيحات او تصريحات، وان الامور يجب ان تترك لفترة، وان تبقى الاوضاع على ما هي عليه الآن، وان نتوقف جميعا ولو لفترة عن الشكوى والتوسل وطرق ابواب المسؤولين بحثا عن معجزة سوف لن تأتي ابدا او قرار يعتبر صدوره في حكم معجزة اخرى.
اعترف بانني كنت من المشاركين في جوقة غياب القرار الحكومي واعترف بانني اشعر الآن بانني ربما كنت ساذجا الى حد ما.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top