من بين كل أهل الأرض

دعيت قبل سنوات لحضور حفل عشاء في منزل الصديق محمد مرشنت، رجل الاعمال الهندي المعروف، وكان الحفل يضم عددا كبيرا من اعضاء السلك الدبلوماسي، ومن السفراء بالذات.
انتهى الامر بي بعد لحظات من التجول بين الضيوف للوقوف بجانب السفير الهندي في الكويت، واخذنا نتجاذب اطراف الحديث، تطرقنا خلال حديثنا للسياسة والاقتصاد وازمات المنطقة، وانتهى الامر بالحديث عن طبيعة عملي وعلاقتي بأفراد الجالية الهندية، وكيف انني تربيت في بيئة تحترم افرادها، حيث كان محاسب الوالد في الاربعينات هندي الجنسية، وكان مدرس الدروس الانكليزية الخصوصية ايضا هنديا.
وتطرقت للحديث عن عملي في منتصف الستينات بأحد المصارف، وكيف ان النسبة الكبرى من العاملين فيه في ذلك الوقت كانت من الهنود، وكيف انني لم اجد منهم الا كل تعاون وتقدير، وكيف اصبحت اكن للكثيرين منهم احتراما بالغا لما تعلمته منهم من مهارات نفتقدا لكثير منها في حياتنا، واخبرته كذلك عما اعتقده والكثيرون بمزايا الشعب الذي يمثله، وما يمتازون به من امانة واخلاص في العمل، ولصاحب العمل.
وقلت له وهو منصت لي دون ان يحاول ان يقاطعني انني عندما تركت الوظيفة المصرفية في بداية الثمانينات استمرت علاقتي بهم بشكل او بآخر، وقمت قبل عشر سنوات بالدخول مع مجموعة منهم في مشروع تأسيس شركة تجارية هي حاليا من أنجح المشاريع التي اقوم بادارتها، كما انني اقوم باستيراد الكثير من المواد من الهند، وقد لاحظت في السنوات الاخيرة تطورا كبيرا في طريقة التعامل مع تلك الدولة بعد ان قامت حكومتها بازالة الكثير من القيود الروتينية السخيفة التي كانت تقيد التصدير، كما لاحظت ايضا ارتفاعا كبيرا في مستوى وجودة البضائع المصنوعة في الهند، والتزاما جيدا بمواعيد التسليم.
وتجربتي مع الهند تختلف عموما عن تجربتي مع المصانع الباكستانية، ومنتجاتها ومواعيد تسليم بضائعهاِِ إلخ من طيب الكلام الذي اعتقدت ان من واجبي قوله للسيد السفير من منطلق عمق الروابط التي كانت، ولا تزال تربط بين بلدينا منذ أمد طويل.
وهنا رن جرس الباب، وكانت الساعة قد قاربت الحادية عشرة مساء، وحان موعد العشاء، واعلن المضيف وصول معالي سفير جمهورية الهند في الكويت!!! فنظرت باستغراب وتساؤل الى الشخص الذي كنت اتبادل الحديث معه فابتسم هذا ابتسامة شاحبة ومد يده مقدما نفسه بالقول:
i am the ambassador of pakistan
انا سفير الباكستان!!
واعتقد ان لون شعري بدأ منذ ذلك اليوم بالتحول سريعا الى لونه الحالي الابيض الخالي من السواد.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top