عينة أخرى من قبيلة 'الدال

كتب احد الكتاب، المتزمتين دينيا وسياسيا، مقالا في زاويته في 'الرأي العام' سخر فيه من ضخامة المبالغ التي صرفت على الانتخابات الرئاسية والفدرالية الاميركية الاخيرة.
وقال إنه كان الافضل صرف تلك المبالغ على شراء 30 مليون خروف واطعام لحومها لفقراء العالم!.
هذا هو مستوى تفكير غالبيتهم، بالرغم من ان بعضهم يحمل شهادات اكاديمية عالية، حيث لا يستطيعون التوقف عن التفكير في الخراف ولحومها! لانختلف مع الزميل على ضخامة المبلغ، والذي ذكر انه بلغ ثلاثة بلايين دولار.
والحقيقة انه اكبر من ذلك بكثير، حسب ما ذكر في العدد الاخير من مجلة 'تايم' الاميركية، فهو بحدود اربعة بلايين دولار! ولكن كيف يمكن لمئات المرشحين، وعلى مدى يقارب العام، التنقل والسفر بمختلف وسائل المواصلات وبصحبة فرق انتخابية ودعائية وقانونية كبيرة العدد، وبوجود خبرات متنوعة اخرى، والاضطرار لزيارة عشرات المدن والقرى للقيام بمهمة الترويج لأنفسهم؟ وكيف يمكن لمرشحي الرئاسة الاميركية التنقل في عشرات الولايات وعلى مدى مئات آلاف الكيلومترات ولفترة طويلة، ويصحبهم مئات المساعدين وآلاف العاملين في الصفوف الخلفية، وتمويل نشر الحملات الدعائية والاعلانات السياسية في مختلف وسائل الاعلام، في دولة مترامية الاطراف متعددة الاجواء مكلفة في كل امر من امورها ويزيد عدد سكانها عن 260 مليون نسمة يطلب كل فرد منهم ان يعامل معاملة خاصةِِ بغير صرف مثل هذه المبالغ الهائلة؟، وهل يقترح السيد الكاتب على مرشحي الانتخابات الاميركية البقاء في بيوتهم وتوفير مصاريف حملاتهم لإنفاقها على شراء 'الخراف' ولتقوم بعدها 'الجماهير' الاميركية بإنجاحهم بنسبة 99.97%؟.
المضحك في الامر اننا عندما نشكك في ضخامة تلك الارقام ونسخر منها فاننا نفضح قصور تقديراتنا ومدى عدم ادراكنا لضخامة اقتصاد تلك الدولة رهيبة القوة، مقارنة بما نعرفه من الارقام المتداولة بيننا، فاذا علمنا ان الاميركيين قد انفقوا، بموجب ما نشر في عدد مجلة 'تايم' الاميركية الرصينة نفسه، في عام واحد فقط اكثر من اربعة بلايين وسبعمائة مليون دولار على مساحيق صابون غسل الملابس فان بامكاننا وقتها ادراك مدى تواضع بقية الارقام.

سبق أن تمنينا على الزملاء الكتاب من الاكاديميين التوقف عن اضافة لقب 'دكتور' الى اسمائهم على مقالاتهم اليومية وذلك بسبب ما يشكله الامر من لبس على الكثيرين، وبسبب 'البهدلة' التي اصبحت تصاحب هذا اللقب، الذي اصبح كل من هب ودب يتسمى به حقا أو باطلا.
وحده 'البروفيسور' احمد البغدادي توقف مؤخرا عن اضافة حرف 'د' الى اسمه في ما يكتبه من مقالات، ربما بناء على ما سبق ان طالبنا به بقية الزملاء الكتاب، او بقرار مسبق من طرفه، وهو الامر الذي نقدره فيه، إضافة الى خصاله الطيبة الاخرى.
احمد الصراف

الارشيف

Back to Top