أين البنك المركزي؟

يقوم الكثير من رؤساء مجالس ادارات البنوك المحلية بادارة المصارف التي يترأسونها بشكل مباشر وبصورة يومية، وتتضمن هذه المهمة الموافقة على العديد من التجاوزات المالية في حسابات العملاء والموافقة على فتح اعتمادات مستندية واصدار كفالات مصرفية وتمرير مختلف العمليات المالية المصرفية اليومية الاخرىِ ويشكل هذا تدخلا مباشرا في عمل الادارة العليا المحترفة، ويؤدي في نهاية الامر الى تهميش، كما يقلل، في نهاية الامر، من امكانية محاسبتها بصورة سليمة عن نتائج اعمال البنك في نهاية السنة المالية.
وقد حدث هذا الامر، في احيان كثيرة، والذي فرض على اغلبية مجالس ادارات البنوك، لتبرير حصول اولئك الرؤساء المعنيين بهذا المقال على مخصصات شهرية لم تكن تعطى من قبل.
وكان من الممكن السكوت عن مثل هذه الامور، اما بسبب صغر حجم غالبية مؤسساتنا المصرفية او بسبب القدرات المصرفية المتواضعة لبعض رؤساء مجالس ادارات البنوك، والتي لا تؤهلهم للقيام بمهامهم الاصلية، والتي تتعلق بالتخطيط المستقبلي، ودراسة واقرار مختلف السياسات التمويلية والائتمانية والتوظيفية للبنك، ومراقبة ومحاسبة الادارة العليا.
وقد ازدادت الامور تعقيدا مع اصرار اولئك الرؤساء على الاشراف التام على اعمال مدققي البنك الداخليين والقيام بمهمة وظيفتهم، وتحديد رواتبهم واستلام تقاريرهم والرد عليها، ومتابعة ما يرد بها من اقتراحات او توصيات، او تجاهلها تماما، وهو الارجح.
ويعتبر هذا نوعا من التشابك والتضارب الواضح في المصالحِ فكيف يمكن قبول قيام رئيس مجلس ادارة البنك، وبصورة فردية وبشكل يومي، بمهمة ادارة البنك وتمرير ما شاء من معاملات وعرقلة اعمال الادارة العليا، وتوريط البنك في مختلف العمليات المالية او التعاقدية، آنية كانت او مستقبلية، ويكون في الوقت نفسه الطرف الوحيد الذي له حق استلام والرد علي تقارير مدققي البنك الداخليين، والتي قد تتضمن اشارة او ذكر المخالفة، او مخالفات، مالية تحمل توقيع رئيس مجلس الادارة! وهنا نفترض ان المدقق الداخلي، او المفتش المالي، سيمتلك الجرأة الكافية لذكر تلك المخالفات في تقاريره الدورية، وعدم الاكتراث لخطر فقد وظيفته ومصدر رزقه!
ما هو الحل اذا؟ وعلى من تقع مسؤولية معالجة هذا الوضع الشاذ؟ واين دور البنك المركزي في كل ذلك؟ هذا ما سنتطرق له في مقال الغد.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top