قراءة في فكر ما

أجرت 'الرأي العام' 2/12 في صفحتها الأولى مقابلة مع السيد عبدالله العلي المطوع، رئيس جمعية الاخوان المسلمين في الكويت، ذكر فيها، في معرض دفاعه عن أعمال الجمعيات الحزبية الدينية وعن قضية استجواب السيد عادل الصبيح وعن قضية شبكة التخريب التي تم القبض على افرادها مؤخرا، الأمور التالية:
1 ـ ان دستور الكويت ليس فيه نص صريح يمنع الوزير من العمل التجاري (!).
2 ـ 'كل' الوزراء لديهم أعمال تجارية قبل توليهم الوزارة (!).
3 ـ على الوزراء التجار ألا يتعاملوا في أعمالهم التجارية مع وزاراتهم (!).
4 ـ على الوزراء الذين يمتلكون أعمالا تجارية ألا يستخدموا 'الضغط' للفوز بالمناقصات!.
5 ـ ان العقلاء لا يربطون أمر الشبكة التخريبية إلا بأشخاصها!.
6 ـ إن المشككين بسلامة أعمال 'الحركة الإسلامية' هم شلة معروفة ديدنها اتهام العمل الخيري بالسوء، وهم مفلسون ولم يقدموا شيئا لأمن الكويت واستقرارها، وانهم مثل أبي لهب وأبي جهل!.
7 ـ ان العمل الخيري في الكويت بخير ويؤدي رسالة إسلامية في نشر العلم.
***
نشكر كل وسيلة إعلامية تحاول ان تبين لنا، في هذا الشهر المبارك، مناقب مفكرينا وطريقة تفكير قادة الرأي لدينا ونظرة زعماء أحزابنا الدينية لمختلف الأمور السياسية والمعيشية الأخرىِ ونود هنا أن نهمس في أذن السيد عبدالله ومن يحبه بالتالي:
1 ـ تقول المادة 131 من الدستور: 'لا يجوز للوزير أثناء توليه الوزارة أن يلي أي وظيفة عامة أخرى أو أن يزاول ولو بطريق غير مباشر مهنة حرة أو عملا صناعيا أو تجاريا أو ماليا كما لا يجوز له أن يسهم في التزامات تعقدها الحكومة أو المؤسسات العامة أو أن يجمع بين الوزارة والعضوية في مجلس إدارة أية شركةِِِ'.
فكيف يجوز بعد كل هذا، وبعد عشرات المقالات ومئات المقابلات وآلاف المناقشات، ان يصرح رئيس أكبر حزب ديني في البلاد وفي مقابلة صحفية وفي الصفحة الأولى من جريدة محترمة، وبكل وضوح، بأن الدستور ليس فيه نص صريح يمنع الوزير من العمل التجاري؟ لا تعليق.
2 ـ يقول السيد العلي بشكل قاطع وبدون ذكر اية استثناءات ان كل الوزراء لديهم أعمال تجارية! وهذا قول ما كان يجب ان يصدر عن إنسان يعتبره الكثيرون مسؤولا عن تشكيل فكر مجموعة من 'البشر' في هذه الدولةِ فحسب علمي المتواضع أن الوزراء، وهذا على سبيل المثال وليس الحصر، محمد الدويهيس، سعد الهاشل، سعود الناصر، محمد الخالد، دِ محمد الجار الله، سليمان الشاهين، ويوسف الابراهيم، اضافة للوزير السابق سعد بن طفلة، لم يسبق لأي منهم أن زاول التجارة قبل وربما بعد توليهم مناصبهم الوزارية، علما بأن هذا لا يقلل من قيمتهمِ فكيف سمح السيد العلي لنفسه أن يعمم هذا الأمر وهو عالم بعدم صحته؟ وهل من المنطق أن يقوم السيد العلي في محاولته للدفاع عن الوزير الصبيح بتلفيق تلك الأمور؟ وهل يطبق السيد العلي هنا نظرية مكيافيللي التي تقول بأن الغاية تبرر الوسيلة؟
3 ـ يطالب السيد العلي الوزراء بعدم التعامل تجاريا مع وزاراتهم! فهل هذا يعني أنه يوافق على مبدأ تعاملهم مع الوزارات الأخرى في الدولة؟ وهل هذا منطق مقبول لأكثرنا سذاجة؟
4 ـ يطالب السيد العلي الوزراء بعدم 'استعمال الضغط' للحصول على المناقصات ولا أدري كيف يمكن تفسير مثل هذا الكلام العائم الذي لا يمكن معرفة أوله من آخره، وما المقصود من ورائه؟ فهل يعني هذا بأنه يوافق على قيام الوزراء التجار بالاتصال بالوزراء الآخرين وطلب مساعدتهم في الحصول على مناقصات وزاراتهم شريطة عدم استعمال الضغط عليهم بل طلب المساعدة باستعمال الحنان والرقة، وها الله ها الله فينا؟.
إذا كان هذا رأي رؤساء الأحزاب وقادة الرأي والفكر لدينا فماذا تركنا لشريطية 'سوق المقاصيص'؟.
5 ـ يقول السيد العلي فيما يتعلق بالشبكة التخريبية إن على العقلاء عدم ربط أمر هذه الشبكة إلا بأشخاصها(!) وهنا أيضا نختلف مع السيد العلي ونقول بكل تواضع بأن المنطق يقول إنه من الغباء الاكتفاء بربط أمر هذه الشبكة بأشخاصها فقط، وأن من البديهي التساؤل عن الجهات التي تقف وراءهم وتقوم بتمويل حركاتهم وضرورة معرفة المؤسسات والأفراد الذين يوفرون الدعم والمساندة والتغطية لهمِ ويجب قبل كل ذلك معرفة الجهات التي ساهمت أو ساعدت على تسميم أفكارهم والتي زينت لهم التطرف في المعتقد والفكر والتصرف، علما بأن التنظيمات الإسلامية التي تزاول العنف موجودة ومعروفة في شتى أنحاء العالم فكيف يريدنا السيد عبدالله العلي المطوع أن نحصر العمليات الإرهابية بأشخاصها الذين هم في الغالب أدوات تنفيذ فقط.
6 ـ يتهم السيد العلي المشككين بالعمل الخيري بأنهم مفلسون ولم يقدموا شيئا لأمن الكويت واستقرارها (!) ونحن نود أن نسأل السيد العلي عما قدمته الأحزاب الدينية لأمن الكويت واستقرارها؟ فهل تعتبر مساعدة أفاقي الأفغان نوعا من المساهمة في أمن الكويت واستقرارها؟ وهل عملية تكديس الأسلحة وتخزينها ليوم مشهود هو عمل في صالح الكويت واستقرارها؟ وهل إقامة معسكرات التدريب الشبابية الصحراوية طوال العام هي من أجل أمن الكويت واستقرارها؟ وهل مساعدة البوسنيين والشيشان والألبان في صالح الكويت وأمنها واستقرارها؟ وماذا كان مصير مئات ملايين الدنانير التي جمعتها الأحزاب الدينية وصرفتها على حروب وحركات وشخصيات وهمية في فترة ما قبل الغزو؟ وهل وقفت أي من تلك الجهات مع الكويت وأمنها واستقرارها عندما كان الوطن المغتصب في أمس الحاجة لهم، أم أنهم وقفوا في الخندق المعادي، وما زالوا؟.
أما قضية ابي جهل وأبي لهب فلن نعلق عليها كثيرا، فالأواني تنضح بما فيها!.
7 ـ ويقول السيد العلي أخيرا إن العمل الخيري بخير ويؤدي رسالة إسلامية في نشر العلم! ونحن نترك أمر التدقيق في صحة هذا الكلام لفطنة وذكاء القارئ والقارئة، ليشاهدا بنفسهما المدارس والجامعات والمكتبات والمعاهد العلمية ومراكز الأبحاث الطبية والجغرافية والتاريخية التي أنشئت بأموال الجمعيات المسماة بالخيرية في محاولة منها لخدمة العلم وأهله!.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top