يحيا الاختيار

ما ان يتم تعيين محافظ جديد حتى يسارع البعض لزيارته في مكتبه الجديد او ديوانيته لتقديم 'واجب' التهنئة له بمنصبهِ وتكتفي مجموعة اخرى بتقديم التهنئة هاتفياِ كما تقوم مجموعة ثالثة بارسال سلال الورود والزهور لهِ اما المجموعة الرابعة فتقوم بارسال فاكسات او برقيات التهنئةِ وتقوم المجموعة الأخيرة بإقامة الولائم على شرف المحافظ الجديد، او نشر التهنئة في الصحف والمجلات المحلية.
ما يجمع هؤلاء جميعا ان لا أحد منهم يعرف بالدقة، وانا معهم، المهام والواجبات الحقيقية للمحافظ! ولا ادري لماذا نهنئ شخصا ما على وظيفة لا نعرف شيئا عنها غير القيام بمهمة استقبال السفراء في مكتبه وأخذ الصور معهم ونشرها في الصحف في اليوم التاليِ ولا اتذكر، وعلى مدى عقدين من الزمن، ان سمعت في يوم ما بقرار او 'قانون' او امر ما ذيل بتوقيع أحد المحافظينِ وعلى الرغم من كل تلك الضبابية التي تحيط بهذا المنصب الا ان المحافظ الوحيد، حسب علمي، الذي أخذ المبادرة وتصرف على مسؤوليته الخاصة كان السيد داود مساعد الصالح، عندما كان يتولى محافظة حوليِ ولكن المتزمتين دينيا وفكريا لم يتركوه يعمل ويطبق ما لديه من أفكار تجارية وحاربوه يومها بشراسة واضحة، واعتقد انه أصيب من وقتها بالإحباط!.
***
اشتهر السيد عبدالحميد حجي، المحافظ الجديد لمنطقة حولي، عندما كان يعمل وكيلا مساعدا في وزارة الداخلية، بوقفته المشهورة صباح كل يوم أمام اشارة مرور تقاطع شارع السور وطريق المغرب السريعِ وكنت امر به يوميا واتعجب من أمره ومن وقفته تلكِ وكنت دائم التساؤل عن الفائدة التي ستجنيها حركة مرور مقيدة بإشارات تعمل الكترونيا من وقوف وكيل الوزارة المساعد عندها؟ وهل يعتقد بأن وقوفه سيساعد مثلا في منع وقوع الحوادث او تباطؤ أو تسارع حركة المرور؟ أم ان الاشارة الالكترونية سوف لن تعمل بصورة جيدة ان غاب عن المنطقة؟ ولماذا الوقوف عند الاشارة بالذات دون غيرها، وهل كان لوقوع مجمع الوزارات في طريقها علاقة بذلك؟ والغريب ان ذلك كان يحدث في الوقت الذي كانت فيه الإدارات التي كان السيد الوكيل المساعد يشرف عليها في أمس الحاجة لوجوده بسبب بحر المشاكل الذي كانت تسبح فيه، وربما لا تزال!.
***
نهنئ، كما فعلت الجماهير، السيد عبدالحميد حجي على منصبه الجديد، وسنكون من اوائل المهنئين 'صدقا' ان استطاع ان يضيف شيئا لعمله الجديد لم يستطع كل من سبقه من السادة المحافظين عملهِ كما نرجو الا يسخر البعض من هذا المقال بالقول: 'ياه، ما عنده سالفةِِ هذا إنسان حاقدِِ'، حيث ان معرفتي بالسيد عبدالحميد لا تتعدى حدود مقابلة استغرقت دقائق معدودة منذ عقد من الزمن وليست بيني وبينه اية خصومة، ولا أكن له بالتالي أية عداوة او حقد ظاهر او دفين!.
أكتب هنا، ليس من منطلق التهجم على أحد، بل لكي أبين الغياب التام لقواعد الاختيار لأي منصب كانِ وأن الأمر لا يعدو ان يكون عملية جبر للخواطر وارضاء للأنفس 'الطيبة' ووضع الولاء، كالعادة، قبل الكفاءة، ولأي منصب كان.
واكتب ايضا لكي ابين ان كافة اجهزة المحافظات الخمس او الست، المتخمة بكوادر لا عمل لها، غير ضروريةِ ولو أغلقت أبوابها خلال 24 ساعة فلن يشعر بغيابها أحد!.
فهل يقتدي وزير الداخلية بزميله وزير الاعلام، الذي قام باغلاق كافة المكاتب الاعلامية في الخارج والحاق المشرفين عليها بالسفارات، ويقوم بدوره بنسف كامل نظام المحافظات واستبداله بنظام اكثر فاعلية ووضوحا؟ نأمل ذلكِِ ولكن نستبعده!.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top