على من الحق؟

لا اعتقد بان من الانصاف توجيه هذا المقال لوزير التجارة ووزير الشؤون الاجتماعية والعمل، فعلى عاتق الرجل مسؤوليات تنوء بحملها 'السهول والهضاب'! ولا اعتقد انه قادر على حل ولو جزء يسير منها بعد ان توالت الضربات عليه من كل حدب وصوب، خاصة بعد ان خسرت وزارة التجارة، وربما وكيلها بالذات، ست قضايا ضد شركة مساهمة واحدة، شغلت على مدى سنوات، الصحافة والمحاكم والناس بتوافه الامور، ولم يتقدم حتى فراش سيلاني باستقالته في الوزارة المعنية بسبب تلك الفضيحة، وبعد هدر ملايين الدنانير من المال العام مصاريف للمحاكم ومقاضاة في قضايا خاسرة ظهر فيها الجانب المتجني باحكام قضائىة واضحة!
وعليه، سنقوم بتوجيه موضوع هذا المقال الى من يهمه الامر لعل وعسى.
***
كان هناك اتفاق سابق، غير مكتوب، بين الجمعيات التعاونية تلتزم فيه بالبيع باسعار موحدةِ وكانت الاخلاقية المهنية تحكم الكثير من الامور، في بداية عهد الجمعيات بالعمل وقبل اتساع شبكتها.
زادت بعد فترة اعداد الجمعيات ودخلت الحركة التعاونية اعداد كبيرة من الطفيليين والراغبين في الظهور والباحثين عن المناصب السياسية وغيرها من الامور، وفرضت اتجاهات دينية معينة خطوط تفكيرها على عمل الجمعيات التعاونية التي تسيطر عليها فانحرفت هذه كليا من رسالتها الاساسية واصبحت اداة وصول وتخلف، وارهاب سياسي ايضاِ كما فرضت افكار وسياسات مجالس اداراتها على سكان المنطقة رغما عنهمِ وقامت العديد من الجمعيات التعاونية باللجوء لادنى الوسائل والطرق التجارية الخسيسة، التي سنتعرض للبعض منها تاليا، في سبيل الاثراء غير المشروع على حساب سكان المنطقة من جهة وعلى حساب الموردين والمستهلكين في نهاية الامر!!
الحديث يطول ويتشعب والمشكلة معروفة وكبيرة ولا يبدو ان هناك من يستطيع وضع حل للحالة المأساوية التي تعيشها الحركة التعاونية ككلِ فوزير الشؤون عاجز، ووكيل الوزارة عاجز والوكيل المساعد المختص بالحركة التعاونية اكثر عجزا واتحاد الجمعيات التعاونية جهاز مشلول لا يهتم بغير امر الشراء المشترك لبعض السلع الهامة والانشغال اكثر بتوافه الامور.
وعليه، فمن السخف توقع حل ناجع وسريع لمشاكل الجمعيات مع المتعاملين معها، او العكس، ولكن هذا يجب ان لا يمنعنا من التطرق لموضوع طرق الاستغلال والابتزاز التي تلجأ اليها بعض الجمعيات:
1- تطلب كافة الجمعيات من التجار والموردين، الالتزام باسعار موحدة عند توريد بضائعهم او خدماتهم للجمعية وفروعها، ولكن تحاول الكثير من تلك الجمعيات التي وضعت العيب والحياء جانبا، التلاعب بهذا المبدأ وفرض امور معينة على المورد بحيث تدفعه لاحتساب اسعار خاصة للجمعيات 'المشاكسة واللحوحة'.
2- بالرغم من ارتباط جميع الموردين بمبدأ البيع بسعر موحد للجمعيات الا ان الكثير من هذه الجمعيات لا تجعل مهمتهم سهلة، فهي غير ملزمة باتباع سياسة موحدة تتعلق بالخصومات التي تطلبها من الموردينِ وعليه تكون الاسعار الحقيقية للكثير من المواد لبعض الجمعيات 'القبيحة' اقل بكثير من جمعيات اخرى بسبب اصرار الاولى على طلب خصم الشراء 'لاول مرة' او طلب بضائع مجانية او الخصومات الخاصة عند الجرد، وكلما زادت او تعددت وسائل الضغط والابتزاز زادت نسبة الخصم.
3- تتعدد طرق الغش والخداع والابتزاز التي تلجأ اليها 'جمعيات معينة' معروفة للكثيرين في الحركة التعاونية واوساط الموردينِ وقد اثبتت الوقائع ان اكثر الجمعيات الحاحا ومطالبة هي تلك التي انتهت مجالسها اما بالطرد او الاحالة للنيابة بسبب الفساد المالي والاداري.
وتعتبر طرق الضغط والابتزاز والغش التالية الاكثر شيوعا عند الكثير من الجمعيات:
اولا: طلب خصم على المواد التي يتم شراؤها لاول مرة: وهذه مقبولة متى كانت نسبة الخصم في حدود معقولةِ ولكن تقوم بعض الجمعيات بطلب خصومات تبلغ 100% اي تقوم بطلب كيس ارز مجاني مقابل كل كيس آخر تقوم بشرائه!
ثانيا: تقوم الجمعية بشراء اكبر كمية ممكنة في الطلبية الاولى من المادة المعروضة بحيث تحصل على اكبر خصم ولا تقوم بعدها باعادة الشراء الا بعد فترة طويلة جدا، وبذلك تنجح في الحصول على اكبر كمية باقل سعرِ وليس في ذلك عدل للجمعيات الاخرى التي تطلب كميات اقل!
ثالثا: تتأخر الكثير من الجمعيات في دفع المستحقات المترتبة عليها لفترات طويلة تصل احيانا لاكثر من ثمانية اشهر، تستثمر اثناءها اموال الموردين في مصارف معينةِ وتلجأ لتلك الامور كوسيلة ضغط على الموردين لاجبارهم على التعامل مع تلك المصارف والقيام بمهمة تحصيل ديونهم من تلك الجمعيات مقابل عمولة مصرفية محترمة.
رابعا: تقوم بعض الجمعيات بطلب مواد معينة لاول مرة ومقابل نسبة خصم عاليةِ ثم تتوقف عن طلب تلك المادة مرة اخرى لفترة ستة اشهرِ وعندما يقوم مندوب المورد بمراجعة الجمعية لعمل طلبية جديدة يفاجأ بان الجمعية تطلب منه خصما كبيرا مرة اخرى مقابل الشراء 'لأول مرة' حيث ان المواد التي يتم طلبها خلال فترة معينة يقوم الكمبيوتر بشطبها وتعامل كأنها مواد جديدة وتخضع بالتالي لخصم الشراء 'لاول مرة' مرة اخرى!
خامسا: من اكثر الوسائل دناءة تلك التي تقوم فيها الجمعية بطلب كمية معينة من المواد لاول مرة وتطلب نسبة خصم تبلغ 50% على الشراء لاول مرةِ وبعد فترة قصيرة تقوم باعادة نصف الكمية المشتراة بسعر الشراء الاصلي، وبدون احتساب نسبة الخصم، وتفوز بدون اي مقابل بنصف الكمية التي احتفظت بها.
سادسا: تقوم الكثير من الجمعيات باحتساب قيمة المواد 'المرتجعة' على اساس سعر البيع وليس على اساس سعر الشراء الاصلي، وفي ذلك ضرر كبير على المورد حيث انه يخسر الفرق من جهة وتعاد له بضاعة تالفة بعد فترة طويلة من جهة ثانية!
***
هذه ليست قصصا وحكايات بل امثلة من الواقع يعلمها جميع من يقوم بالتعامل مع الجمعيات التعاونية، والمخفي اعظم والادلة الكاملة موجودة لدينا، فهل تتحرك جهة ما؟
احمد الصراف

الارشيف

Back to Top