دعوة لزيارة 'كيشنو

بدعوة من صديق وقريب سافرت قبل أيام الى 'كيشنو' عاصمة جمهورية ملدوفياِ وهذه، لمن لم يسمع بها، كانت الثانية من ناحية صغر الحجم من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة، وتقطنها شعوب خليطة ينحدر غالبيتهم من أصول رومانية ويتحدثون بها بجانب اللغة الروسية الرسمية والشعبية.
تحيط بها أوكرانيا من الشمال والشرق والجنوب ويفصلها نهر 'بروت' من الغرب عن رومانياِ وكانت هذه الجمهورية الفقيرة جدا تقع على البحر الأسود الغني نسبيا ولكن قامت روسيا بفصلها عنه بشريط صغير من الارض بحجة وجود منشآت نووية عليها كما كانت جزءا من الامبراطورية الرومانية حتى عام 1812 ولكن قامت روسيا بفصلها عنها ايضا والحاقها بها وبقيت كذلك حتى 1918 ثم عادت بعدها للسيادة الرومانية، ولكن الاتحاد السوفيتي استعاد السيطرة على تلك الجمهورية عام 1944 وتم دمجها اقتصاديا وسياسيا في النظام السوفيتي الصارم منذ ذلك اليوم والى لحظة انهيار الاتحاد في بداية التسعينات.
يبلغ سكان ملدوفيا 5 ملايين نسمة تقريبا وتقل مساحتها عن 34 ألف كيلو متر مربع بقليل وتعتمد اساسا على ما يقوم مواطنوها من الشباب والفتيات بتحويله إليها من عملة صعبة نتيجة عملهم في الدول الاخرىِ كما أن لديها منتجات زراعية بسيطة تتمثل في بعض أنواع البقول والمكسرات.
الوصول الى 'كيشنو' جوا ليس بالأمر السهلِ فشركتها الوطنية التي لا تمتلك اكثر من 4 طائرات سوفيتية قديمة هي الوحيدة التي تنقل رجال الأعمال و'السياح' اليهاِ ويحتاج الدخول لها الى تأشيرة تمنح في المطار مقابل 60 دولارا، ولكن تشترط شركة الطيران الحصول على دعوة من شركة أو مؤسسة حكومية هناك قبل السماح لك بركوب الطائرةِ ذكرتني طائرتها التي استقللتها من بيروت الى كيشنو عن طريق لارنكا بطائرات الخمسينات التي كانت تطير بنا من الكويت الى ايران ولبنانِ وأعتقد انها أسوأ بكثير من تلك الطائرات من ناحية التصميم والألوان وتشطيبات الحمام الذي افتقر لكافة وسائل الراحة بالرغم من انه 'بيت للراحة'.
تمتاز طائرات الخطوط الملدوفية بميزة مهمة يفتقر لها الكثير من الطائرات الحديثة الاخرى حيث تتواجد حقائب السفر مع بقية ركاب الطائرة في المكان نفسه!! وتستطيع التأكد من وجود حقيبتك وتلمسها وربما فتحها، ان كانت موضوعة بمكان يسمح بذلكِ كما تذكرك تلك الطائرات بالحرية النسبية التي كان ركاب طائرات الخمسينات يتمتعون بها، فأنت غير مجبر على ربط حزام الأمان ولا توجد تعليمات تفرض عليك تعديل مقعدك أو طي طاولة الطعام التي أمامك عند الاقلاع والهبوط.
بالرغم من أنني كنت المسافر الوحيد على الدرجة الأولى الا أن نوعية الطعام التي قدمت لي لم تختلف كثيرا عن وجبة بقية الركابِ كما ان مقعد الدرجة الأولى كان بحجم المقاعد الاخرى نفسها ولكن كانت هناك ستارة قذرة تفصل بين الدرجتين.
السفر لتلك الدولة تجربة مثيرة قلما تتكرر في دولة أوروبية في مثل هذه الايام، حيث بامكانك الحصول على شقة كاملة مكونة من غرفة نوم واحدة ومفروشة بأثاث متواضع وتقع في وسط المدينة بمبلغ لا يزيد عن 200 دولار شهريا (31 يوما)!! وقس على ذلك.
اطلق اسم 'اسماعيل' على أهم ثاني شارع في العاصمة وهو اسم الضابط المسلم الذي حارب بجانب الملدوفيين ضد القوات العثمانية الغازية.
احمد الصراف

الارشيف

Back to Top