قمة التسامح

استبقت اشهر الصيف الحارة جدا 'وخطفت' وزوجتي أرجلنا الأربع وسافرنا الى مدينة أدنبرا الواقعة في اسكتلندا تلبية لدعوة صديق اسكتلندي لحضور حفل زواج ابنتهِ تم عقد القران في كنيسة بروتستنتية قديمة، وهي نفسها التي تم تعميد العروس فيها قبل 25 عاماِ استمتعنا وبقية الحضور بأجواء الألفة والبساطة التي سادت مراسم الحفل الرسمية، وانتقلنا بعدها الى خارج الكنيسة لالتقاط الصور التذكارية مع الزوجين الجديدين وأقاربهما، ومن ثم انتقلنا الى احد فنادق المدينة لتناول العشاء وسماع الخطب التقليدية التي يتناوب عادة والد العروس من جهة والعريس من جهة اخرى على القائها، وكانت الخطبتان مميزتين وبدلالات كبيرة.
انتبهت، ومراسم الحفل توشك على الانتهاء وأنا جالس في الكنيسة استمع لصوت الأورغ (الارغن) الذي بدأ بالانطلاق حالما انتهى القسيس من اعلان الشاب والشابة زوجين أمام الجميع في حفل لم يستغرق أكثر من نصف ساعة، الى خلو تلك المراسم تماما من العظات الدينية التي كنت أتوقع سماعهاِ كما سمح لي المكان الذي كنت جالسا فيه بالتفرس في وجوه الكثير من الحضور، وتبين لي أن نسبة كبيرة منهم من غير أهل تلك البلاد!! ولكن لم يمنع ذلك أيا منا من الاستمتاع بكل لحظة من لحظات الحفل، كما لم يتطفل أحد بسؤالنا عن أصلنا وفصلنا وعما اذا كان حضورنا ذلك مستساغا من الناحية الدينية أو العرقية!!!

تعتبر مدينة أدنبرا من اجمل مدن اسكتلندا، وربما المملكة المتحدة على الاطلاقِ وبالرغم من كل ما أصاب المدينة من أوبئة مختلفة طوال تاريخها، وتسبب في تشريد سكانها لأكثر من مرة الا ان قلعتها المشهورة والكثير من مبانيها الواقعة على امتداد ميل كامل من قاعدتها لاتزال باقية كما هي منذ اكثر من ألف عامِ كما بنيت بها، ومنذ قرون، أول مبان متعددة الأدوار في العالم ولا تزال شامخة باقية كما هي وتستعمل حتى يومنا هذا كمكاتب وكمساكن.

أعطت أدنبرا والقرى والمدن الاسكتلندية الاخرى الانسانية عددا من الشخصيات العظيمة التي أثرت، ولاتزال تؤثر، في حياتنا من أمثال: جيمس وات، مخترع الآلة البخارية والشخصية الأولى في الثورة الصناعيةِ وآدم سميث مؤلف ثروة الأمم وأبو الاقتصاد الرأسماليِ والكسندر غراهام بل، مخترع التلفون، والكسندر فلمنغ، مكتشف البنسلين، وغيرهم العشرات.
وتعتبر بعض المراجع الرصينة أن الشعب الاسكتلندي هو من أذكى شعوب الأرض واكثرها ابداعا حيث أعطى البشرية نسبة من العباقرة مقارنة بعدد السكان.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top