مسلسل حكومي

ما إن بينت التحقيقات التي قامت بها السلطات الأميركية الدور الذي لعبته أموال الجمعيات الخيرية في تمويل العمليات الارهابية، أيا كان مصدرها، حتى تحركت حكومة الكويت بكاملها لمراقبة وضع هذه الجمعيات في الكويت خوفا من ان تكون متورطة في مثل هذا النوع من التمويل الآثمِ وكان موضوع تنظيم ومراقبة وضع هذه الجمعيات على جدول أعمال أكثر من اجتماع لأكبر هيئة تنفيذية في البلاد.
ثم تبع ذلك تخلي مجلس الوزراء عن الموضوع للنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الذي أطلق مجموعة من التصريحات والتصريحات المضادة لم نعرف منها على وجه الدقة حقيقة موقفه بسبب كل تلك الدبلوماسية التي غلفت تلك التصريحات.
ثم تم التراجع خطوة اخرى وألقي أمر هذه الجمعيات على عاتق لجنة وزارية رباعية لوضع تصور، وليس حلا، لهذه المعضلة غير القانونية التي تعيشها البلاد منذ عقود ثلاثةِ وبعد ان وضعت اللجنة تقريرها وتمت مناقشته باقتضاب في مجلس الوزراء تم رمي الكرة، أو الجمرة، في حضن وزير الشؤون الذي قام بدوره بعقد سلسلة من اللقاءات مع رؤساء وأركان الاحزاب الدينية ولم يتخذ بدوره أي اجراء حاسم بسبب حساباته السياسية الانتخابية، وفضل كالعادة الاقتداء بمن سبقه وحول الأمر الى المستوى الاداري التالي له وتكليف وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تولي موضوع هذه المخالفات!!
وهكذا يتبين لنا من المسلسل الحكومي السابق الذي تراجعت فيه كل جهة لم تستطع فعل شيء بخصوص الوضع غير القانوني لهذه الاحزاب الدينية المسيسة للجهة الأدنى منها اداريا، فمن مجلس الوزراء والى النائب الأول والى لجنة رباعية والى وزير الشؤون منفردا الذي قام بتحويل ملف الأزمة لوكيل الوزارة، ان الحكومة غير جادة في اتخاذ قرار حاسم في 'وضع' غريب لا يختلف حتى رؤساء هذه الاحزاب الدينية السياسية عن وصفه ب 'المخالف' و'غير المرخص'ِ ولا أدري لماذا تصر الحكومة على أن تكون ملكية اكثر من الملك؟ ولماذا لا تحزم أمرها وتغلق جميع الفروع المخالفة في يوم واحد وتلزم الجمعيات المرخصة فقط بحدود التراخيص الممنوحة؟.
والى ان يأتي ذلك اليوم، الذي ربما لن يأتي أبدا، فإننا نهنئ الاحزاب الدينية على نجاح تكتيكاتها مع الحكومة.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top