على هذا رهاننا


'يبدو، وبعد مرور شهرين فقط على الاحداث الارهابية التي وقعت في الولايات المتحدة، وبعد ما ادلى به قادة 'القاعدة' من تصريحات ارهابية وتهديد وتكفير لكافة دول العالم، وما قدموه من نصائح للمسلمين بعدم التواجد في العالي من المباني، كم كنا سذجا ومتسرعين عندما آمنا، وللمرة الالف، بنظرية المؤامرة'.
* * *
بالرغم من كل ما قيل ويقال ويشاع عما يجري في افغانستان من تأخر في الحسم، وقلق واضح فيما يتعلق بنتائج الحرب الجوية وعدم وضوح ما تقوم القوات الاميركية بقصفه من اهداف، وتأخر اصابة قادة او قوات طالبان بضربات قاتلة واضحة، وبالرغم من كل ما اسمعه هنا وهناك من سخرية تتعلق بنتائج الضربات الجوية وبالتعليقات الانهزامية التي تشبه في كثير منها، ان لم يكن كلها، ما كنا نسمعه ايام الاحتلال واثناء الحملة الجوية على المدن العراقية، الا انني اعتقد، وبكل تواضع وثقة ايضا، ان نتيجة المعركة ستكون في صالح الولايات المتحدة وذلك للاسباب التالية:
* تسببت الاعتداءات الارهابية التي اصابت نيويورك وواشنطن في فقد ما لا يقل عن 420 ألف اميركي واميركية لوظائفهم في الولايات المتحدة وحدها خلال فترة الشهرين الماضيين فقط، اضافة الى خسائر الالاف من الأرواح.
* كما تسببت في خسائر مباشرة تقدر بمئات مليارات الدولارات، وخسائر غير مباشرة بمبالغ تزيد عن ذلك اصابت مختلف دول العالمِ كما قضت تلك الاعمال الارهابية على اي امل، في المستقبل المنظور على الاقل، في امكان استعادة الاقتصاد الاميركي لحيويته السابقةِ وتسببت في اصابة اقتصادات اكثر من دولة بضربة قد لا تقوم منها بعافية تامة لفترة طويلة قادمة.
* وتسببت تلك الاعمال الارهابية كذلك في تغيير كامل لنمط حياة عشرات ملايين الاميركيين، وكانت وراء تعديل الكثير من اجراءات الامن وحرية التنقل، كما ان حياة المواطن الاميركي او زائر الولايات المتحدة اصبحت اقل خصوصية بعد ان وضع الجميع تحت مراقبة الاخ الاكبر.
وعليه يمكن القول انه، وبسبب البنيان الامني الهش الذي كان ولا يزال يعيش فيه المواطن الاميركي او المقيم هناك، والمتمثل في هامش الحرية الهائل، وما تمتاز به رؤوس الاموال عموما من جبن وميل للانكفاء والانكماش عند وقوع اية احداث او عمليات ارهابية ذات طابع سياسي، ومقدار الرفاهية المادية والمعنوية التي يتمتع بها المواطن او المقيم في اميركا وما يمثله اي انتقاص لها من تعد على مستواه المعيشي، اضافة الى ما تمثله هذه الاعتداءات شبه الفردية من خطر على هيبة اقوى دولة في العالم ولما يمثله الفرد او الاقتصاد الاميركي لكافة دول العالم من اهمية، اضافة لعشرات الاسباب الاخرى، يمكن القول ان مقدار الضرر الاقتصادي والبشري الذي من الممكن ان يتسبب به اي مهووس ديني على استعداد للموت وقتل مئات الآلاف معه في سبيل القضية التي يؤمن بها، امر لا يمكن تقديره وتصوره بأي شكل من الاشكال.
لهذا لم يوجد ولا يوجد الكثير من الخيارات امام حكومة الولايات المتحدة غير التحرك بتصميم وارادة صلبين لمحاربة الارهاب الديني الدولي واجتثاثه من جذوره والقضاء عليه بصورة شبه نهائية، وتحييده بشكل تامِ وتعلم الولايات المتحدة والقوى الغربية التي تحالفت معها، ان خلاف هذا الامر يعني بداية النهاية لكل ما تمثله الحضارة الغربية من تقدم، ونحن على هذا نراهن؟!
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top