الحقيقة والوهم في قرار الترحيل

شذت الكويت عن كافة دول العالم عندما أعلنت أن يوم السبت الموافق 6 يناير عطلة رسمية بمناسبة رأس السنة الميلادية، أي بعد مرور 96 ساعة على الوقت المتفق عليه كونيا!
تنتشر في كثير من دول العالم عادة ترحيل العطل الرسمية، الدينية أو الوطنية، الى نهاية الاسبوع، وجعلها جزءا منه متى ما تصادف وقوعها في منتصفه.
ولهذا العرف العالمي فوائد كثيرة على العامل ورب العمل والاقتصاد بصورة عامة، ولا ضرر منه اطلاقا، خاصة انه لا يلغي تاريخ المناسبة من الذاكرة ولا يتعارض العمل به مع مراسم الاحتفال المعتادة، وكل ما هنالك ان الدولة ملتزمة بتعطيل أعمالها لعدد محدد من أيام السنة، ولها بالتالي الحق في تأخير أو تقديم هذه الايام بالطريقة التي تخدم الصالح العام.
عندما قامت الحكومة قبل فترة بتطبيق قرار ترحيل العطلة الرسمية الى نهاية الاسبوع مر القرار وقتها دون ضجة، ولم تقم أية جهة دينية متحزبة بالاعتراض عليه وخاصة ما تعلق منه ببعض العطل الدينية! وتزامن صدور القرار وقتها مع بدء ممارسة الحكومة الحالية، بثوبها الجديد، لمهامها، وهذا ما جعلنا نعتقد وقتها بأن الحكومة قوية وجادة وانها ستقوم بتمرير ما تريد من قرارات تقدمية متى شاءت حتى ولو عارضتها مختلف الجهات الاسلامقبلية.
ما ان حلت عطلة رأس السنة الاخيرة وما صاحب قرار ترحيل موعدها الى تاريخ لاحق من لغط واستهزاء حتى تبين ان كل ما اعتقدناه وذكرناه عن 'قوة الحكومة' لم يكن الا وهما وهراء بيناِ وان كل ذلك الصمت الذي التزمت به قوى الظلام والتخلف وما أبدته من استسلام وقبول للقرار، لم يكن الا وهما أكبر، حيث ان سبب السكوت لم يكن خوفا وخشية من عيون الحكومة الحمراء، بل بسبب ما تعتقده تلك الاحزاب من ان الاحتفال بأية مناسبة وتعطيل الأعمال فيها خلاف عيدي الأضحى والفطر 'بدعة' وضلالة! عليه يجب ان لا نحتفل، حسب وجهة نظر قادة ومفكري هذه الأحزاب الدينية، بأية مناسبة كالعيد الوطني أو التحرير أو رأس السنة الهجرية، لأنها تخالف صحيح الشرع الذين هم فقط به يؤمنون! ولهذا السبب لم تقم اية جهة 'متأسلمة' بالاعتراض على مبدأ ترحيل المناسبات الوطنية أو حتى الدينية الأخرى إلى أيام أخر.
وحيث ان قرار ترحيل عطلة رأس السنة أثبت فشله وسخفه من كافة النواحي، وحيث اننا لانزال نعتقد بصواب قرار ترحيل العطل من ناحية المبدأ، فإنه من المهم اعادة النظر في القرار وتعديله، بحيث يتم تثبيت الاحتفال بعيدي الفطر والأضحى ورأس السنة الهجرية والميلادية في مواعيدها، وترحيل بقية العطل الرسمية الى يوم آخر ان تصادف وقوعها في منتصف الأسبوع، بحيث تصبح جزءا من نهايتهِ مع ضرورة اعتبار اي يوم عمل يقع بين عطلتين يوم عطلة ايضا.
نقول قولنا هذا راجين ان يصل اقتراحنا لمسامع رئيس الحكومة، لنعود كما كنا، 'أمة وسطا'!

ملاحظة:
نيابة عن كل من شارك في تهنئة الطوائف المسيحية بعيدي الميلاد ورأس السنة، نتقدم لرؤساء الطوائف المسيحية وأفرادها وللسفارة الأميركية بالشكر على رقيق كلماتهم التي ضمنوها إعلاناتهم الصحفية الأخيرة، آملين أن يعم السلام العالم أجمع.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top