عيسىِِ الإنسان الذي رح

بقلم: احمد الصراف

غيب الثرى عصر امس جثمان الفقيد عيسى حسين اليوسفي عن عمر يناهز الخامسة والسبعين عاما، وهو من القلة القليلة جدا التي يصدق عليها القول انه قضى جل عمره في أعمال البر والتقوى بمعناهما الحقيقي، وليس بتلك القشور التي يهتم بها البعض.
لقد طال خير هذا الإنسان جميع الفئات، ولم يفرق بين مذهب وآخر أو بين دين أو ما يخالفه أو جنسية أو جنس، بل دفع للجميع بكرم وبهدوء، والأهم من ذلك بدون منة.

عرفت الفقيد في فترة الصبا بحكم صداقته القديمة مع والدي، وكان ذلك في بداية الخمسينات من القرن الماضي، عندما كان الفقيد يدير تجارته منذ نهاية الاربعينات من محل يقع في شارع الأمير، أو السوق الداخليِ ومن هناك انطلق وكون مؤسسة ناجحة توسعت أعمالها بجهده الشخصي، أولا وبمساعدة أبنائه تاليا، لتشمل عدة نشاطات وفي أكثر من دولةِ وعلى الرغم من الثراء الكبير الذي نعم به، وتعدد استثماراته وأنشطته التجارية إلا أنه بقي على تواضعه وخلقه الجم ووفائه الذي اشتهر به، فجلساؤه وأصدقاؤه كانوا إما من العاملين لديه أو ممن لم تنقطع صداقته أو علاقته بهم منذ أيام الشباب.
وقد دخلت شخصيا في تجربة متواضعة معه في السبعينات، عندما كنت أعمل مسؤولا عن دائرة الائتمان في بنك الخليج، بينت لي مدى وفائه، وذلك عندما قدمت له عرض تسهيلات مصرفية كبيرة وبأسعار فائدة مخفضة جدا لا يمكن ان يرفضها أي رجل أعمال، ولكنه اعتذر عن قبول الطلب بلباقة اشتهر بها قائلا انه يفضل البقاء مع البنك الوحيد الذي وقف معه طوال السنوات الماضية، قال ذلك وهو مدرك خطورة حصر التعامل مع مصرف واحد، ولكنه الوفاء الذي اشتهر بهِِ ولا شيء غير ذلك.

إننا ندعو كل من شمله كرم هذا الرجل، إما بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وما أكثرهم! وكل ممثلي المؤسسات والجمعيات التي تبرع لها الفقيد بكرم واضح، وما أكثرها! وكل محبي الخير والمخلصين من أبناء هذا الوطن الصغير والمقيمين فيه الى مشاركتنا في تقديم واجب العزاء اليوم الجمعة، واليومين التاليين، لأسرة هذا الفقيد الذي خسرته الكويت، كما خسرته أسرته، وأهله وأصدقاؤه، وما أكثرهم!.
وعزاؤنا ان المرحوم 'ابا عبدالله' ترك وراءه ذرية محبة للخير وعلى خلق عال رفيع.
ahmed@namedco.com

الارشيف

Back to Top