السر المحرم

ورد في زارية 'وجه في الأحداث' التي أعدها الزميل حمزة عليان يوم السبت 20/12، عن السيد محمد الطبطبائي، عميد كلية الشريعة في جامعة الكويت، رفضه الاجابة عن سؤال يتعلق بتاريخ ميلاده عملا بنصيحة الإمام مالك!
لا أعتقد أن السيد الطبطبائي كان جادا في اجابته!
فكيف يمكن أن نصدق، وبالذات في هذا العصر الفائق التعقيد الذي نعيش فيه، أن هناك من يعتقد ان تاريخ الميلاد 'سر محرم' لا يجوز البوح به، عملا بنصيحة قيلت قبل 14 قرنا، وفي زمن يتسم بالبساطة والسلام؟ خصوصا وهو عالم تماما، بأن هناك ما لا يقل عن عشرة موظفين في وزارة الصحة، إدارة المواليد والوفيات، وضعف ذلك العدد في هيئة المعلومات المدنية وضعف هؤلاء جميعا في ادارات المرور والجوازات والادارات الحكومية الأخرى، وما يماثل عدد هؤلاء من العاملين في عشرات المدارس والمعاهد والمستشفيات ومؤسسات النفع العام والسفارات ومشغلي مئات أجهزة الكمبيوتر، على علم واطلاع تامين بتاريخ ميلاد كل مواطن؟ بما في ذلك التاريخ السري ليوم ميلاد عميد كلية الشريعة في الكويت!
من الغريب حقا ان يوجد بيننا من يعتقد بأن تاريخ ميلاده يجب عدم إطلاع أحد عليه، خصوصا عندما يفترض بأن ذلك الشخص قد نال حظه من التعليم إلى درجة يمكن فيها أن يدرك أن الجهات التي تعرف ذلك السر أكثر من أن تحصى!
وتحضرني في هذه المناسبة قصة رواها لنا قبل أربعين عاما تقريبا، صديق كان يعمل في ادارة الجوازات حيث حضر اليه صباح أحد الايام مواطن 'ساذج' وطلب منه تسليمه جواز سفر والدته، وعندما سأله الموظف عن اسم والدته لكي يبحث في مئات جوازات السفر التي كانت أمامه ارتبك المواطن وأخذ ينظر يمنة ويسرة وإمارات الخجل بادية على وجهه، فكيف يذكر اسم والدته أمام كل ذلك الجمع الغريب؟! وفجأة تفتق ذهنه اللماح عن فكرة قفز على إثرها على الحاجز ومد جسده 'الطاهر' وهمس في أذن الموظف باسم والدته وعاد الى مكانه أمام الحاجز ينتظر دوره وكأن شيئا لم يكن!.

ملاحظة (1):
وضع شحاذ علبة فارغة أمامه ووضع بين قدميه لوحة كتب عليها 'أنا ضرير، يرجى المساعدة' مر به شخص مبدع في صباح ذلك اليوم ولاحظ قلة قطع النقود في العلبة، فسحب اللوحة وكتب على جانبها الآخر شيئا ما وذهب في حال سبيله بعد أن أعاد اللوحة الى مكانها ووضع عددا من قطع النقود في العلبة الفارغة.
عاد ذلك المبدع في نهاية ذلك اليوم إلى حيث كان يجلس ذلك الضرير، فوجد العلبة ممتلئة بالنقود المعدنية والورقيةِ تعرف الضرير على خطوات الرجل الذي سبق أن قام بسحب اللوحة من بين قدميه وسأله عما كتبه عليها، فقال الرجل: لا شيء، لقد أعدت صياغة ما كان مكتوبا عليها فقط! وأكمل سيره، وابتسامة عريضة ترتسم على وجهه، ولم يعلم الضرير أن الرجل كتب على اللوحة 'إنه الربيع، وأنا ضرير ولا أستطيع أن أراه'!

ملاحظة (2):
يبدو أن لجنة الرقابة في وزارة الاعلام قد منعت توزيع كل أو بضع صفحات من مجلة الايكونومست البريطانية، عدد هذا الأسبوعِ وحيث ان القرار لم يعمم، ولم يعلم به أحد ولم ينشر ولم يذع من خلال أي وسيلة إعلام معروفة، فإننا سنفترض ان خبر المنع غير صحيح.
وعليه، فإننا ندعو المهتمين بالموضوع إلى الرجوع إلى موقع المجلة على شبكة الانترنت www.economist.com، أو الاتصال بنا للحصول على صورة من مقال نشر في المجلة المذكورة.

الارشيف

Back to Top