الفرق بين حادثتي حرق

قامت مجموعة من طلبة كلية الدراسات 'التكنولوجية'، وهي كلمة 'تخب' كثيرا على ما يدرس في تلك المدرسة من مواد متواضعة، بتنفيذ اعتصام امام مكتب مدير عام هيئة التعليم التطبيقي والتدريب، بحرق الزي الموحد الازرق الذي طلبت الادارة من الطلاب ارتداءه اثناء الدراسة بحجة ان فرضه هو نوع من التدخل في حرياتهم الشخصية! وطالب رئيس اتحاد اولئك الطلبة الادارة بتقبل رفض الطلبة لارتداء ذلك الزي بصدر رحب، حيث يصعب عليهم، حسب قول 'رئيسهم'، ارتداؤه في قاعات الدراسة!
ومن هذا المنطلق نطالب الهيئة التمريضية في وزارة الصحة والمستشفيات الخاصة واطباء الحكومة وغيرهم ورجال الاطفاء والمسعفين والعاملين في مختلف المهن التي تتطلب ارتداء زي موحد بالتصرف بحرية وارتداء 'ما طاب لهم من لباس' وطني كالقوملق والعباية والدراعة للنساء والدشداشة والغترة والعقال للرجال انطلاقا من مبدأ الحرية الشخصية.
ان هذا التصرف الغريب الذي قام به هؤلاء الطلبة، والذي ينسف كل محاولات دفع هذا المجتمع للتقدم والاعتماد على الخبرات المحلية في سد احتياجاته المتنامية من العمالة المدربة، لم يحدث عبثا بل جاء كنتيجة حتمية لاساليب التربية والتعليم المطبقة، وتخلف المناهج الدراسية التي سيطر على مقدراتها في العقود الاربعة الاخيرة تيار التخلف الديني الذي لم يكن يرى ابعد من انفه.
ان حادثة الحرق هذه سبقتها حادثة حرق شهيرة حدثت قبل نصف قرن، وذلك عندما قامت مجموعة معروفة من طالبات الثانوية الكويتيات عام 1953 بحرق عباءاتهن احتجاجا على فرض لبسها عليهن.
وقد مرت الكويت والمنطقة برمتها منذ تلك الحادثة الجريئة التي دلت على مدى توق مختلف طبقات هذا الشعب للتحرر من قيود التخلف والانطلاق الى آفاق الحرية والتخلص من اسار الماضي المظلم والبغيض، مرت بمختلف الاحداث والتجارب التي حولتها من منطقة رائدة واعدة الى منطقة تابعة مقلدة ومستسلمة لقدرها ولقوى الظلام والتخلف التي شدتها بخيوط يصعب عليها الفكاك منها.
ان النظر في ظروف وملابسات حادثتي الحرق كل على حدة يمكن ان يبين لنا مدى ما وصلت إليه اوضاعنا من تخلف واضح في مختلف انشطة المجتمع خلال فترة الخمسين عاما الماضية، والتي كان للتيار الديني الدور الاكبر في التحكم والتأثير في مجمل احداثها من خلال ارهاب ديني ومباركة حكومية واضحة!

الارشيف

Back to Top