متى نخرج من القبو؟

أصدرت 'القوى السياسية الإسلامية' ـ وكأن القوى السياسية الأخرى تنتمي الى البوذية أو هي من الشنتو ـ المتمثلة في التجمع السلفي والحركة الدستورية والتحالف الوطني الاسلامي والحركة السلفية، بيانا حول اغتيال زعيم حماس السابق في غزة، عبدالعزيز الرنتيسي، طالبت فيه الحكومات العربية والإسلامية وذوي الضمير في العالم، بالتحرك لتقديم العون المادي والمالي والسياسي للشعب الفلسطيني!
ولا أدري حقيقة ماهية هذه المطالبة، وهل فكر أي من ممثلي تلك الأحزاب الدينية المتطرفة في حقيقة الوضع قبل وضع توقيعهم عليه؟
وكيف تدعي هذه الاحزاب الدينية المعرفة والدراية بالوضع العام، وهي تعلم أكثر من غيرها ان دعوتها والعدم واحدة، وان مجموعة الدول العربية والاسلامية التي قامت بمطالبتها بتقديم العون المادي والسياسي والمالي للقيادة الفلسطينية أعجز من أن توفر تلك الأمور لنفسها؟ أما القادرة منها فقد رأت المرة تلو الأخرى الى أي أرصدة انتهت أموالها طوال العقود الماضيةِ كما دعت هذه القوى الجهات العربية والإسلامية نفسها الى اتخاذ مواقف واضحة تجاه أميركا، بحيث تؤثر تلك المواقف في 'مصالحها الاقتصادية'! وهذا يعني مقاطعة المنتجات الاميركية ووقف التعامل معها وقطع النفط الكويتي عنها! ويا حبذا لو بادر الموقعون على البيان، وعشرات المؤسسات المالية والمصرفية ومئات الشركات التجارية التي تقف وراءهم والتي يستثمرون أموالهم فيها، بأخذ زمام المبادرة، وضرب أروع الأمثلة على نكران الذات وإيثار الثوابت الدينية على المصالح الدنيوية ومقاطعة كل المنتجات الأميركية، ووقف جميع أشكال التعامل المالي 'والربوي' معها! وإن فعلت ذلك فإننا سنحذو حذوها في اليوم التالي.
من جهة أخرى طالب السيد حمد المطر، الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي لمحاربة التطبيع مع الكيان الصهيوني، بتنظيم لقاء في بداية الشهر المقبل لمناقشة المشروع الأميركي ـ مشروع الشرق الأوسط الكبير والغزو الاسرائيلي عن طريق بوابة العراق (!!).
وحيث ان السيد المطر، وكل أولئك الذين يقفون معه في خندق محاربة مشروع الشرق الأوسط الكبير على علم تام بمدى تخلفنا ديموقراطيا واقتصاديا وتجاريا وعلميا، وحجم القهر الذي تعيش تحته غالبية شعوبنا، وفي الشرق الأوسط بالذات، فإننا نأمل أن يقوم بتخصيص جزء من وقت ذلك المؤتمر او اللقاء لمناقشة الخطة البديلة لمشروع الشرق الأوسط الكبير!
اما موضوع ربط الغزو الاسرائيلي بتواجد القوات الحليفة في العراق فاننا لا نتمنى من السيد المطر أو غيره تذكر ما حدث لنا في الثاني من اغسطس 1990، فقد لا تسعفه الذاكرة في تذكر أحداث ذلك اليوم الغابر، ولكننا فقط نطالبهم بتذكر أحداث وقعت قبل عام عندما تساقطت على رؤوسنا صواريخ صدام العمياء والعرجاء، والتي كان كل منها يبث الرعب في قلب أشجع شجعان المؤتمر أو غيرهم!
إن التاريخ لا يرحم، والجهل الذي نحن فيه سوف لن ينتهي بمجرد معاداة العالم وكسب كراهيته، وعليه يجب ان نفعل شيئا لنخرج من ذلك الجحر أو القبو الذي وضعتنا فيه الجهات المتخلفة، او التي رضينا بأن تضعنا فيه.

ملاحظة (1):
بعد انتهاء مؤتمر الخرطوم الذي تم الاتفاق فيه على 'اللاءات الثلاث'، (لا صلح لا تفاوض لا اعتراف باسرائيل)، قام أحد الزعماء العرب، فور عودته لبلاده، برعاية حفل افتتاح 'مصنع النسيج اليدوي' الكبير، الذي انشئ في إحدى مدن الحدود النائية، وذلك في محاولة للقضاء على البطالة فيها.
وبعد أن شاهد المسؤول الكبير ذلك العدد الضخم من الفتيات وهن منهمكات في نسج مختلف المنتجات 'يدويا'، قام بطرح السؤال التالي على مدير المصنع، وهو يهم بمغادرة المكان دون انتظار الجواب:
متى ستقومون باستيراد آلات النسيج؟

الارشيف

Back to Top