كارثة طبية

يكاد مشروع قانون منع الاطباء الاستشاريين والاختصاصيين العاملين في وزارة الصحة من الجمع بين عملهم وبين عياداتهم الخاصة ان يبز مشروع قانون البلوتوث الذي قدمه 'وزير العدالة' احمد باقر، من ناحية سرعة إقراره.
ولو أقر مشروع المنع هذا فإنه سيشكل كارثة طبية على أكثر من مستوىِ من المهم ان نبين أولا ان عدد الاطباء العاملين في وزارة الصحة يبلغ 4000 طبيب، ومن المفيد القول ان قيام الاختصاصيين أو الاستشاريين بالعمل في الحكومة لعدد من الأيام، والعمل في العيادة الخاصة في أيام أخر، أو في الفترة المسائية، ليست بدعة كويتية بل هو نظام معمول به في كثير من الدول المتقدمة، طبيا على الأقل.
وعليه، فإن هذا القانون، في حال إقراره، سيتضرر منه في المقام الأول المرضى غير القادرين على دفع تكاليف العلاج في المستشفيات والعيادات الخاصة، وذلك لأن نسبة كبيرة جدا من الاستشاريين والاختصاصيين ستختار ترك العمل الحكومي لصالح العمل في الخاص، وهذا سيحرم مرضاهم في المستشفيات الحكومية من خبراتهم الكبيرة!
ان اختيار غالبية الاستشاريين والاختصاصيين العمل في القطاع الخاص بدلا من العام، ليس فقط أمرا مفروغا منه بسبب عوائده المالية المجزية بالنسبة لهم، بل بسبب الزيادة المتوقعة في دخلهم نتيجة تحول نسبة كبيرة من مرضاهم الحاليين في المستشفيات الحكومية لتلقي العلاج لديهم.
وسيؤدي تسرب هذه الكفاءات الطبية الى الخاص الى وقوع الطب الحكومي في عجز كبير لا يمكن تعويضه بسهولة، حتى على المدى البعيد.
وستضطر الحكومة في مرحلة تالية إلى جلب خبرات خارجية لتعويض الخبرات المفقودة، وهذا سيكلفها اضعاف تكاليف النظام الحالي، كما سيؤدي تدهور الخدمة الصحية الحكومية الى قيام الكثير من الجهات التي تعمل فيها نسب عالية من المواطنين، كالمصارف وشركات الاستثمار، الى تأمين علاج موظفيها لدى المستشفيات والعيادات الخاصة، وهذا سيزيد من دخل اطباء القطاع الخاص.
ان القول ان الطبيب الذي يعمل في القطاعين العام والخاص في وقت واحد لا يستطيع ان يعطي عمله الحكومي حق قدره بسبب تفضيله لمصالحه الخاصة، كلام خطير ويحتاج الى وقفة، فمثل هذا الطبيب يجب الا يبقى في عمله اصلا لو ثبت عليه مثل هذا التصرف او المخالفةِ فالطبيب السيئ سيبقى سيئا وغير أمين مع نفسه وعمله حتى لو اختار العمل في جهة واحدة.
وعليه، فإننا نضم صوتنا إلى صوت المخلصين، ونطالب الحكومة بابقاء الوضع على ما هو عليه، والعمل في الوقت نفسه على وضع الضوابط اللازمة لمنع البعض، وهم قلة لا تذكر، من اساءة استخدام صلاحياتهاِ

الارشيف

Back to Top