نمتنع عن حلاقة اللحية

استشرت في الآونة الاخيرة، وخصوصا بعد الاحداث الارهابية التي اجتاحت البلاد اخيرا، ظاهرة وضع لافتات ضخمة على مفارق الطرق تحمل مضامين دينية حادة الاسلوب ومثيرة للتساؤل، كما ان بعضها ذو اسلوب رافض للآخر ومهدد لوجوده.
كما سبقت هذه الظاهرة ظاهرة اخرى تتعلق بانتشار وضع اشارات للدلالة على اماكن اقامة العزاء، والتي تكرر، ويتكرر، وضعها او لصقها على اشارات المرور، بحيث تثير الربكة لدى البعض، اضافة الى ما تمثله من تعد على الاملاك العامة وتشويه للمنظر العام.
تطور الامر اخيرا مع البعض واصبحنا نرى لافتات كبيرة عند اشارات المرور يستجدي فيها اصحابها المال من الاخرين بحجة وجود دية شرعية في ذمتهم بمبلغ ما، طالبين من 'المحسنين' او الاغبياء ايداع ما تجود به انفسهم في حساب مصرفي محدد!
وأكاد أجزم بأنني لو طالبت بازالة لافتات اقامة حفلات الزواج، التي عادة ما تتضمن قبول العانية او عدم قبولها، لهاجمني البعض بحجة انها من عاداتنا وتقاليدنا! ولا ادري متى اصبح تعليق لافتات زواج على طرق سريعة عالمية المواصفات، مكتوبة بخطوط بارعة ومدهونة بالرائع من الالوان على قماش ياباني ناصع البياض، جزءا من عاداتنا وتقاليدنا؟ وقد ارسل لي صديق عزيز صورا لاعلان ارضي لاحد صالونات الحلاقة 'العصرية' قام فيه صاحبه بسد ثلاثة ارباع الرصيف امام محله ليعلن من خلال اللافتة عن 'اسلامية' الصالون! فهو على غير استعداد لحلاقة اللحية او عمل قصات شعر خليعة!
ان هذه الاعلانات لا يقتصر تأثيرها على إيذاء النفس قبل العين، بل تدل دلالة واضحة على تخلفنا الحضاري، فكيف يمكن ان نصدق ان إيداع مبلغ في حساب شخص ما دون معرفة مسبقة بظروفه او مقدار ما عليه من دين او عن كيفية تراكم الدين عليه، يكون عملنا هذا 'احسانا'؟
ولماذا يحتاج صاحب صالون حلاقة لان يعلن على الملأ، وبطريقة غير مرخصة ومؤذية للنفس، تمسكه بدينه عن طريق الاعلان عن عدم استعداده لحلاقة اللحى؟
لقد تطلب الامر ربما المئات من المقالات، من قبل العشرات من الزملاء والزميلات، قبل ان تتحرك الحكومة وتقوم بازالة اكشاك الجمعيات الخيرية المخالفة (المخالفة تعود للجمعيات والاكشاك)، بمنظرها غير الحضاري والكئيبِ فهل سنحتاج الى ما يماثل هذا العدد من المقالات لكي تقوم البلدية بإزالة آلاف اللافتات المخالفة، خاصة تلك التي قامت جهات مجهولة بزرعها في منتصف الطرق السريعة، ومداخلها ومخارجها؟
ربما يحتاج الامر الى كل هذا العناء، وسنكون وراء هذه القضية حتى يتم عمل شيء بخصوصها.

الارشيف

Back to Top