قصتي مع الرفاعي وقطمة

على الرغم من تعدد قراءاتي، فإنني نادرا ما أقرأ رواية عربية.
الكاتب والروائي طالب الرفاعي نجح وبجدارة في دفعي بأسلوبه القصصي الممتع، دفعا لقراءة روايته الجديدة 'سمر كلمات'، بشغف لم اعرفه منذ سنواتِ ونقلني الى ساعات بين مختلف المناطق والشخصيات والحوادث والاحداث والصد والوداد والهجر والوصال والحب والبغض، وكل ما يمكن ان تذكره من كلمات متداخلة ومتضادة في رواية تنتقل بك من شخصية الى اخرى نقيضة لها، ومن بيت واسع إلى شقة هادئة، ومن عاطفة ملتهبة إلى أخرى باردة ضمن تسلسل واسلوب قصصي جديد لم اعتد عليه، مقحما شخصية الكاتب الحقيقية بين سطور الرواية في تداخل جميل ومدهش يدفعك دفعا لأن تصدق وكأنك تعيش معه، ومع ابطاله في كل لحظات القصة التي لا يتجاوز محيط وقتها ساعات معدودة.
شكرا لطالب الذي اعادني لقراءة الروايات العربية مرة اخرى، وبمتعة حقيقية.
***
محمد خالد القطمة شخصية تاريخية بكل ما تعنيه الكلمةِ وهو على الرغم من تعدد اعماله الكتابية من شعر وسياسة وادب، فإنه مقل في الحديث عن نفسه وتاريخه السياسي، ولا شك ان لديه الكثير الذي يستحق التعرف عليه، والنشر ايضا، على الرغم من الزمن الأكلح الذي نعيشه.
في الفصل الاول من كتابه 'هارب من الاعراب'، الذي صدر اخيرا، كتب محمد القطمة الفقرة البديعة التالية في وصف اول لقاء له بالقومي السوري العريق والسياسي اللبناني المعروف سعيد تقي الدين: 'ِِ رغم سكناه في شارع عبدالعزيز (بيروت)، لم ألتق سعيد تقي الدين، وانا ساكن الحمراء حتى ذلك اليوم الذي قيل فيه انه يطلبني في بيتهِ ذهبت اليه في الصباح، فاستقبلني بثيابه الرسمية: البروتيل والكلسون والسيجارةِ لم يمهد لما يريد قوله، سألني: من اين جئت، وما الذي ادرسه ثم ابلغني انه يريدني ناموسا حزبيا له'.
كتاب 'هارب من الاعراب'، اكرر، اسم الكتاب: 'هارب من الاعراب'، على الرغم من انه مجموعة من المقالات المنتقاة بعناية، فإن كل صفحة منه تشكل صفعة في وجه التخلف الذي نصر على التمرغ فيهِ وتشعر وانت تقرأه وكأن دبابيس صغيرة تشك في جنبك الايسر، ثم الايمن فتتوقف عن القراءة متعبا وترميه جانبا، وانت تلعن 'الظروف القاهرة' التي دفعتك لقراءتهِ لتعود بعد ساعة، اقل او اكثر قليلا، لتلتقطه مرة اخرى لتعاود القراءة فيه، وتتمنى مع كل الالم الذي تشعر به وانت تقرأه، ان لا تنتهي صفحاته المائة والاربعون سريعا!
نعم، هناك متع كثيرة في الحياة، ولكن ليس هناك متعة تضاهي الخلود لكتاب تستمتع بقراءته.

الارشيف

Back to Top