تكملة مسلسل الإطباق

نجحت القوى السياسية الدينية منذ عقود في الاطباق على خناق الكثير من الهيئات الحكومية المستقلة ووزارات بأكملها، كالعدل والاوقاف. وكان مشروع لجنة العمل على اسلمة القوانين ومشاريع القضاء على المخدرات وركاز والسراج المنير واخيرا 'الوسطية' من المشاريع التي خرجت من عباءات هذه الهيئات والوزارات لتنفيع اتباعهم بطريقة او بأخرى، بعد ان خصصت عشرات ملايين الدنانير لتمويلها. ولو اخذنا مشروع 'المركز العالمي لنشر الوسطية'، والذي تأسس قبل اكثر من 30 شهرا، لوجدنا مدى استفادة اتباع التيارات الدينية السياسية، ماديا ومعنويا، من سيطرتها على مقدرات وزارات الدولة، دون ان يكون لها دور حقيقي، وبالذات في الهدف الذي خصص من اجل القيام به. فمنذ 30 شهرا ونحن نقرأ مئات التصريحات المتطرفة وشاهدنا عقد عشرات الندوات الاكثر تطرفا، وزار البلاد خلالها عدد كبير من غلاة المتشددين الدينيين الذين لم يرحموا في ندواتهم طائفة او عقيدة. وعلى الرغم من كل ما قيل في تلك الندوات وكم الشتائم والتطرف الذي شاب نقاشاتها، وخاصة فيما يتعلق بأحداث العراق وتصريحات البعض الاخر التلفزيونية، فان المركز العالمي لنشر الوسطية اختار السلامة بالتزام الصمت منذ تاريخ تأسيسه وحتى اليوم وكأن التطرف المحلي لا يعنيه، كونه متخصصا في علاج 'التطرف العالمي'، وهذا ينسجم اكثر من 'عالمية' المشرفين عليه!
ومن امثلة التطرف ما عنون به احدهم مقالته في جريدة السياسة (19 ديسمبر 2006) 'نعم يا ابراهيم هكذا ذبح الرسول 700 رجل في ليلة واحدة كما تذبح النعاج'! فأين كان 'امين عام المركز' من كاتب المقال وهو بالمناسبة موظف يعمل في الجهة نفسها المشرفة على المركز؟ ولماذا نسكت عن اظهار نبي الرحمة بهذه الصورة؟
وصرح متطرف آخر في عدد سابق من الصحيفة نفسها بان العلمانيين دعوا لالغاء كلمة 'التكفير' من القرآن!! وهذا ادعاء غير صحيح ويتضمن تحريضا سافرا للعوام والغوغاء والجهلة للاعتداء على الآخرين دون سبب لمجرد ان احدا افترى عليهم كذبا!!
كما صرح المتطرف نفسه، بأن في الكويت كنائس عديدة وان الفاتيكان يحرم بناء المساجد !! وهذه فرية اخرى تصب في مسار التطرف الذي لم يحاول مركز الوسطية التصدي له ولو بكلمة، ودعا الشخص نفسه الى اخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب حيث يجب الا يكون في الجزيرة غير الاسلام!! كما لا تجوز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم، وغير ذلك من الدعوات المتطرفة، والتي لو قام احد الغربيين بالتطرق اليها في مؤتمر الوسطية القادم والذي لانعلم أين سيعقد هذه المرة، فإنه كاف لفضح عجز وتخاذل المشرفين على اعمال المؤتمر في التصدي للتطرف داخل الكويت، دع عنك خارجها! كما ان السكوت عن مثل هذا التطرف الذي يمارس علنا على صفحات الصحف المحلية ويقال في ندواتها 'الدينية' يخالف ما سبق ان كتبه البعض وصرح به آخرون من ان مؤتمرات 'الوسطية' فتحت العيون على اهمية ووجوب المعايشة مع الاديان الاخرى!! هل نخدع انفسنا بمثل هذا الكلام؟ واين امين الوسطية وجيش موظفيه الصغير الذي بدأ عدده بالانتفاخ من تصريحات هؤلاء التي لا تهدف إلا لتأليب طرف على آخر ودفع اتباع المذاهب الاخرى للتطرف في تعاملاتهم وبالتالي تأليب الجميع على الجميع لتشتعل حرب طائفية نحن في غنى عنها؟
ان مشروع الوسطية فاشل ان لم يحاول ان يوجه ولو بعضا من جهوده للداخل، فالخطر في مساجدنا وعقولنا ومقالاتنا وليس في صالات فنادق لندن ونيويورك وباريس!!

الارشيف

Back to Top