من الذي بدأ الملامة والصدود؟

سقط 14 قتيلا في ولاية 'حيدر آباد' الهندية نتيجة اشتباكات دينية بين مواطنين هندوس ومسلمين بعد وقوع انفجار في مسجد 'مكة' التاريخي الذي اودى بحياة عشرة ايضا، كما صاحب كل ذلك وقوع قتلى برصاص الشرطة، وتعتقد الحكومة الهندية ان احدى الجماعات الاسلامية المتطرفة كحركة الجهاد الاسلامية البنغلادشية او جماعة 'جيش محمد' او 'لشكر طيبة' قد تكون وراء تفجير الاوضاع!
بصرف النظر عن الجهة المستفيدة من تفجير ذلك المسجد التاريخي، والذي سبقه قبل سنوات هدم مسجد آخر بأيدي متطرفين هندوس من اتباع حزب 'جناتا'، اليميني، فإن هذه الاحداث لا يمكن النظر اليها خارج سياق العلاقة التاريخية بين المسلمين والهندوس في الهند والتي أدت في مرحلة منها الى انقسام الدولة الواحدة الى 3 دول.
تعتبر الاحداث المأساوية التي صاحبت قيام المحاربين المسلمين بغزو الهند الاكثر دموية في التاريخ الاسلامي، فقد استمرت اعمال القتل والترويع أسابيع طويلة باوامر واضحة وصارمة من قائد جيش المسلمين، محمد القاسم، الذي كان ينفذ وصايا رئيسه 'الحجاج'!
خلقت عمليات القتل العشوائية والجماعية تلك رعبا لا ينسى في نفوس شعوب تلك القارة الموغلة في القدم والعراقة، وبقي ذلك الخوف من المسلمين عامة، وممن اعتنق الدين الاسلامي منهم، قرونا طويلة بعدها، وهذا اعطى المسلمين في الهند مكانة وقوة تزيدان بكثير على عددهم الحقيقي كأقلية!
كل هذا الاحترام او الخوف والحذر الشديدين من المسلمين، الذي استمر قرونا عديدة، تحول، خلال فترة بسيطة، لعداء متطرف ولمقاومة اشد لكل المظاهر والممارسات الاسلامية، وكان وراء ذلك بشكل رئيسي حزب 'جناتا' الهندوسي القومي، الذي يعود السبب في تطرفه الى مجمل افعالنا كمسلمين خارج الهند وداخلها، لكل من لا ينتمي لنا، فتطرفهم ضد كل ما هو مسلم، او غير هندوسي كان ردة فعل لأفعالنا كمسلمين ولمواقفنا منهم ولاحتقارنا لكل ما يمثلونه، شكلا واكلا واعتقادا!
فالعلانية التي يمارسها الكثيرون منا، (مواطنين وحكومات)، عن قصد او غير ذلك، في رفض الآخر وتسخيف معتقداته والاستهانة بتقاليده وعدم احترامنا لحاجتهم لممارسة طقوسهم بالطريقة التي تناسبهم في بلداننا، والنظر بدونية لكل ما يمت لمعتقداتهم بصلة، لا لشيء الا لكونهم غير مسلمين، جعلت الآخرين يأخذون منا مثل هذه المواقف الصلبة وغير المتسامحة!
فمعتقدات الهندوس او غيرهم من مسيحيين وبوذيين وحتى يهود لا ترفضنا كبشر مسلمين كما يصر الكثيرون منا، ليس فقط في رفض الآخر، بل والامعان في المجاهرة به، وربما تصرفنا كذلك بسبب 'هل كم برميل من البترول' التي نمتلكها والتي جعلتنا نعتقد أن الحاجة لهم والمنة عليهم!
عندما اصرت حكومة 'طالبان' المتخلفة على تفجير تماثيل بوذا التاريخية في بانيام الافغانية، ورفض كل التوسلات والمطالبات التي تقدمت بها حكومات وجهات اسلامية وعربية ومنظمات دولية وحكومات غربية، كان جماعتنا من متخلفي الامة الوحيدين في العالم اجمع الذين رحبوا بذلك الفعل الاجرامي في حق الانسانية! ولكن عندما جاء الدور على رموزنا الدينية ومساجدنا التاريخية التي بدأ الهندوس المتطرفون بهدمها اصبح الامر مختلفا!

الارشيف

Back to Top