النائب والمطارد

أرسل السيد وليد الطبطبائي، النائب في مجلس الأمة الكويتي، رسالة أخوية وعاطفية ل'أسامة بن لادن'، 'الوطن' 27/9، خاطبه فيها كأخ حنون ونصوح ولقبه ب 'شيخ' ثماني مرات!. ولو علمنا بأن أسامة بن لادن مطلوب للعدالة في عشرات الدول لمسؤوليته عن قتل 'مئات' آلاف الأبرياء من دون ذنب، ومطارد من حكومات العالم كافة من دون استثناء، وهذا أمر غير مسبوق في التاريخ البشري، لعلمنا مدى خطورة مضامين مثل هذه الخطابات العلنية التي يقوم نائب كويتي بتوجيهها 'بكل براءة' لمطلوب للعدالة.
قيام النائب الطبطبائي بتكرار وصف بن لادن بالشيخ كاف في حد ذاته لأن تعتقد فئة كبيرة، من الشباب المغرر به، أن أفعاله مبررة طالما كان شيخا!!
كما يعتبر ثناء النائب على 'التاريخ الجهادي' لبن لادن في أفغانستان خطرا آخر على عقليات الكثيرين من السذج وكافية للصفح عن الكثير من 'أخطائه'!! كما أن دعاء النائب بألا يضيع الله أجر 'بن لادن' على جهاده سيحسب لمصلحة هذا المجرم، وكأن كل ما فعله بالإسلام والمسلمين وبقية البشر غير كاف لإدانته، لأنه، حسب رأي النائب، سيثاب في النهاية على خير عمله. وهذه رسالة خطيرة أخرى تعني أن بإمكاننا أن نقتل وندمر ثم يأتي من يطلب الصفح لنا لتنتهي المسألة على خير!!
والنقطة المهمة الأخرى التي أثيرت في الخطاب المفتوح الذي وجهه النائب الكويتي لهذا المجرم قوله إن خطابه الأخير الذي طلب فيه من الشعب الأميركي دخول الإسلام كان بمنزلة طوق النجاة الذي رمي للرئيس الأميركي!! ولا أدري منذ متى كان منطق ومصير بن لادن أهم من مصلحة ومصير ورفاهية الشعب الأميركي ورئيسه بالنسبة للكويتيين!!
ألا يعلم هذا النائب أنه سيكون من أول المتباكين على أعتاب البيت الأبيض متى ما تبين أن هناك خطرا يتهدد حياته ومصالحه من ضربة هنا أو هجوم علينا من هناك؟ فمن السذاجة استبعاد أي أمر، ففي السنوات العشرين الماضية عايشنا أحداثا في المنطقة لم تكن تخطر على بال أي كان .... قبلها بأيام!
ولم ينس النائب الطبطبائي التباكي في رسالته المفتوحة على ضحايا أحداث العنف التي جرت في عشرات دول العالم والتي اعترف تنظيم القاعدة بأنه وراءها، وتناسى أن تأييده، وتأييد من هم على شاكلته، لجرائم القاعدة على مدى السنوات الست الماضية كان السبب وراء تمادي هذا التنظيم في نشر شروره المرعبة، التي لم يعرف لها العالم مثيلا. هل يرغب الطبطبائي أن نقوم بتذكيره بمقالاته وخطبه العنترية، داخل وخارج مجلس الأمة، التي أيد فيها أعمال تنظيم القاعدة في الفلوجة والتي طالب فيها، الشيب والشباب، بنصرة المقاومين فيها والجهاد معهم وشد أزرهم، على الرغم من علمه بكون غالبيتهم من الغرباء عن العراق وشعبه، وكان ذلك قبل عام فقط. فأين كان السيد وليد من جرائم تنظيم القاعدة كل هذا الوقت؟، ولماذا تطلب الأمر اعترافا صريحا من بن لادن مباشرة عن مسؤوليته عن أحداث 11 سبتمبر وبقية جرائم القاعدة في العالم ليكتشف هذا النائب الآن ما سبق أن علمنا به قبل 6 سنوات، وليطالبه الآن فقط ليس بتسليم نفسه لكي يحاكم على ما اقترفت يداه بل لكي 'يخفف الوطء' فقط؟!
أما مطالبته بن لادن بالتوقف عن عملياته في العراق لأن أفعاله أدت إلى تخويف 'السنة' من الانضمام للشرطة العراقية، وما أدى إليه ذلك، حسب قوله، من تحوله للون مذهبي واحد، أي من الشيعة، وما يشكله هذا من خطر يهدد سنة العراق الآن وحتى بعد زوال الاحتلال! فقد كانت مطالبة ذات نفس طائفي بغيض ما كان يجب أن تصدر عن ممثل للأمة!
وينهي النائب رسالته بالطلب من بن لادن، والمطلوب القبض عليه ومحاكمته من قبل 170 دولة في العالم، أن 'يعيد النظر' في سياساته وخططه(!!) وأن يستشير العلماء والثقات في الرأي والحكمة في العالم الإسلامي(!!) وألا يستبد برأيه! ولا أعرف معنى هذا الشطط في القول خاصة عندما يعتقد أن بإمكان بن لادن بعدها النهوض بالأمة من جديد!
وتبلغ سذاجة النائب قمتها وهو يسأل بن لادن عما إذا كان راضيا عن 'الأعمال' التي تقوم بها جماعته، وإن كانت لها علاقة بما يجري من 'أحداث' في المغرب العربي! وهنا أيضا، كما في كامل خطابه، لا نجد أي إشارة منه إلى أن ما قام ويقوم به بن لادن هو في حكم جرائم القتل والتشريد بل يصفها بالأحداث والأفعال! كما يصر على ادعاء السذاجة أيضا، وهو يوحي بالشك في أن يكون 'شيخه' الجليل والمجاهد وراء مثل هذه 'الأفعال'! وهنا يبدو وكأنه يبحث له عن مخرج يقيه مصيره المحتوم طال الزمن أم قصر.
أما قول النائب في نهاية رسالته بأنه عاجز عجزا مطلقا عن فهم دوافع وأهداف أفعال بن لادن، فإن تساؤله يبين تواضع فهمه لفكر القاعدة وما تقوم عليه من مبادئ، وكان حريا به دراسة هذه الأمور، وهو الأكاديمي والسياسي، قبل الإقدام على طرح ذلك التساؤل الطفولي، فيكفي ما ورد على لسان بن لادن والظواهري من شروحات كثيرة لدوافعهما الإجرامية!
وينهي النائب خطابه بالدعاء لأهل الجهاد الصادق، وواضح من يقصد هنا، ويوقع رسالته بصفته 'أخا' لأسامة! ولا أدري بماذا كان سيصفه لو لم يقل عنه كل هذا الذي قاله؟
***
ملاحظة:
أثبت من يصر النائب وليد على وصفهم بالعلمانيين، وللمرة الألف، بأنهم كانوا أبعد نظرا وأوضح فكرا منه ومن جماعته.

الارشيف

Back to Top