كشف الذمة

قمت قبل ثماني سنوات بزيارة المقر الانتخابي الرئيسي للمرشح جورج دبليو بوش، الذي كان وقتها حاكما لولاية تكساس، ويطمح لأن يصبح رئيسا لأميركا. جلست امام احد اجهزة الكمبيوتر العديدة التي كانت في المقر ونقرت على بضعة احرف وارقام فظهر على الشاشة كشف بأسماء افراد ومؤسسات وشركات قامت بالتبرع لحملة الحاكم جورج بوش الانتخابية، واجمالي المبالغ. بدافع من الامتنان لدور اميركا وتقديرا لدور والده، الرئيس السابق جورج بوش، في تحرير وطننا واعادة الكرامة والحرية لنا، قمت بالتبرع لحملة ابنه بمبلغ لا بأس به خصما من بطاقتي الائتمانية.
بالنقر على احرف وارقام اخرى ظهر لي كشف آخر يبين كامل ذمة المرشح جورج بوش، بما في ذلك ما تمتلكه زوجته وبناته من حسابات مصرفية او عقارات او اسهم وسندات. كما بينت كشوف اخرى كامل ممتلكات بعض الرؤساء الاميركيين السابقين قبل انتخابهم وبعد خروجهم من البيت الابيض، وبتفصيل واضح لا يحتمل اي لبس.
كما ظهر في الموقع ما يفيد بان بإمكان اي جهة الاطلاع على هذه المعلومات، وانها متوافرة للجمهور ويمكن الطعن في صحتها، وان ثبت الاتهام فإنه لا يعني فقط نهاية حياة المرشح السياسية بل وايضا امكان الحكم عليه بالسجن لتقديمه معلومات مضللة للرأي العام. وبالتالي يمكن القول ان كشوف الذمة المالية في اميركا، والدول الغربية عموما، تتمتع بمصداقية عالية لعلنيتها من جهة وما يترتب على التلاعب بها من نتائج وخيمة!
في الكويت قامت بعض الاطراف التي تطمح للعودة للكرسي البرلماني الاخضر بالمتاجرة بموضوع قيامها بتقديم كشوف ذمتهم المالية للجهات المعنية، وان تلك الكشوف، حسب ادعائهم، تضمنت كل ممتلكاتهم قبل توليهم لمهامهم التشريعية. ولكن ايا من هؤلاء لم يقم حتى الآن بتقديم كشف بعد انتهاء مهامهم التشريعية لتتم المقارنة بين وضعهم المادي قبل انتخابهم وبعد انتهاء نيابتهم.
كما تتطلب المصداقية كذلك عرض كشوف الذمة المالية هذه للجمهور ليتم الاطلاع عليها، والطعن فيها، ان تطلب الامر ذلك.
وعليه نطالب كل المتشدقين، ومدعي الاصلاح والصلاح من الساعين لكسب ثقة الناخبين، عرض كشوف ذممهم المالية، قبل وبعد النيابة، علنا ليتم الاطلاع عليها ومراجعة بياناتها، وبخلاف ذلك فإنها لا تساوي قيمة الورق الذي كتبت عليه.
> ملاحظة: أعلنت وزيرة التربية عن «توجه» لتحويل حادثة الاعتداء على مدرس منطقة الجهراء من جنحة الى جناية!
منذ صغرنا ومناهج وزارة التربية والتعليم تحاول غرس مفهوم نبيل في عقولنا عن مكانة المدرس حتى كدنا نضجر من سماع بيت شوقي الذي يقول فيه: «قف للمعلم وفه التبجيلا، كاد المعلم ان يكون رسولا»!
وفجأة، وبعد نصف قرن، اكتشفنا ان الاعتداء على هذا الذي كاد ان يكون رسولا والتسبب في كسر خمسة من اضلعه ووضع يده في الجبس واجباره على الاستعانة بعكازين للسير، كل ذلك لا يرقى لمستوى الجناية بل يعامل الفعل كجنحة قد ينال المعتدي عليها حكما بالسجن لسنوات ثلاث او اقل، وكل عام وانتم، والمعتدون، بألف خير!
ماذا كان يفعل مشرعونا طوال 40 عاما؟

الارشيف

Back to Top