عمالة وحشيش

قامت الدول الغربية، واميركا بشكل خاص، بدفع مليارات الدولارات كتعويضات لمزارعي المخدرات في اميركا الجنوبية وتركيا وافغانستان، وحتى ايران ايام الشاه، لتشجعيهم على التخلي عن زراعتها واستبدالها بزراعات بديلة كبذرة عباد الشمس، وقد تم اللجوء إلى هذه الطرق الوقائية المكلفة بعد ان تبين ان الصرف عليها مهما كان كبيرا فانه لا يقارن بتكلفة معالجة مشاكل الادمان في الدول الغربية.
توجد في الكويت مشكلة رهيبة تتعلق باتجار بعض المتنفذين، ويقال ان من بينهم افرادا نافذين، باقامات العمالة البسيطة، خصوصا الهندية والبنغالية الذين لا يتجاوز راتب الحاصلين منهم على عمل، التسعين دينارا شهريا!
لهذه المشكلة جانب انساني يتعلق بحقوق الانسان، فغالبية هؤلاء العمال السيئي الحظ باعوا كل ما يملكون في اوطانهم لدفع ثمن دخولهم جنة الكويت، وبقاء نسبة كبيرة منهم من دون عمل فيه هدر لأبسط حقوقهم كبشر.
كما ان قيام كفلائهم من المواطنين برميهم في الشارع من دون مساعدة، دفع الكثيرين منهم إلى حضن الجريمة المغري، خصوصا ان الجوع لا يعرف الرحمة ولا المنطق.
ان تجارة الاقامات، كما ورد في افتتاحية «القبس» قبل ايام، وفي التحقيق الرائع للزميلة ليلى الصراف، هي من المشاكل القليلة التي لا يمكن لوم اي طرف على وجودها غير الحكومة المدارة من قبل السلطة! وبالتالي فهي السبب وبيدها وحدها الحل، والحل معروف وموجود.
لقد سبق ان شكل احد مجالس الامة لجنة برلمانية للتحقيق في تجارة الاقامات، وترأس اللجنة وقتها النائب السابق عبدالمحسن جمال، بيد انها لم تفشل فقط في وضع يدها على لب المشكلة، بل وانتهت الى ان لا مشكلة! نعود لبداية المقال، ونقول أن من الواضح ان الحكومة اما انها غير قادرة على وضع حد للمشكلة، وهذا غير معقول، وإما انها ربما غير راغبة في وضع حد لها لكي لا تنقطع ارزاق البعض!
وحيث ان هذه الحكومة، وكل الحكومات السابقة، وجميع وزراء ووكلاء الشؤون وكبار موظفي الوزارة على علم بأسماء غالبية المتاجرين بالاقامات من المواطنين، وتعلم كذلك مدى التكلفة المالية والامنية والاجتماعية والاخلاقية الباهظة التي تتكلفها الدولة والمجتمع جراء وجود هذا العدد الضخم من العمالة العاطلة والسائبة في الشوارع دون مورد مالي، او ضمان صحي او امل، وحيث ان الحكومة غير راغبة في وضع حد لاستغلال هؤلاء، فإن من الافضل اللجوء لسياسات الوقاية نفسها التي لجأت اليها الدول الغربية التي تمثلت في تقديم اغراءات مالية لمزارعي الحشيش لدفعهم إلى ترك زراعتهم المحرمة، وذلك عن طريق حصر اعداد المتعاملين في تجارة الاقامات ودفع تعويضات نقدية لهم مقابل تعهدهم بالتخلي عن زراعة الحشيش، آسف اقصد بالتخلي عن المتاجرة بالبشر، فمهما دفع لهؤلاء فإنه لا يشكل نقطة في بحر ما سيستفيده المجتمع من التقليل من حجم هذه المشكلة الانسانية البائسة.
اعلن انه اقتراح غير عملي وغير معقول، ولكن هل هناك ما هو افضل منه؟

الارشيف

Back to Top