أين أنت أيها القاضي الحريتي؟

كتبت عشر مقالات تقريباً عن مركز الوسطية وأمينه السابق عصام البشير، وعن المستفيدين من وجوده من كبار قياديي وزارة الأوقاف. لكن لم يقم أحد بالرد علينا، على الرغم من تضمن تلك المقالات اتهامات صريحة بالاثراء غير المشروع من مركز الوسطية «العالمي»! وكنت اعتقد أن في الأمر ترفعاً، إلى أن وجه النائب السابق رجا حجيلان، حامل الشهادات الجامعية الأميركية، سؤالاً الى وزير الأوقاف عن «مركز الوسطية»، وتبين من اجابة الوزير، ان رئيس المركز الاخونجي والعضو في مكتب الحزب الحاكم في السودان، عصام البشير، قد استلم أكثر من 700 ألف دولار كمكافآت ورواتب خلال 30 شهراً قضاها على رأس المركز ولجانه! كما تبين من الاجابة ان شهادة الدكتوراه التي كان يدعي «البشير» حملها، والتي على أساسها منح ذلك المرتب الضخم، غير معترف بها (!!!)، وهنا تبين لنا أن سكوت كبار قياديي الوزارة لم يكن ترفعا، بل خوفا من تأجيج المسألة واثارة الموضوع، وفضلوا بالتالي التزام عدم الرد علينا، لعل وعسى، ولكن يقظة الوزير العادل حسين الحريتي كانت لهم بالمرصاد!! ولا عزاء لكل الذين دافعوا عن موقف المركز الهلامي وصحة توظيف عصام البشير!
من جهة أخرى، فوجئنا بأن مشروع «علماء المستقبل»، أحد المشاريع الغريبة والوهمية التي انبثقت عن مركز الوسطية، لايزال حياً يرزق «ويلبط»، وان السيد مطلق القراوي لا يزال يشرف على أعماله!! وهذا المشروع، لمن لا يعلم، يهدف الى تدريب مجموعة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و16 عاماً، وبعضهم من أبناء كبار العاملين في الوزارة، ليكونوا، خلال ثلاث سنوات فقط، علماء ربانيين يجمعون، حسب قول الوكيل، بين أصالة المنهج والتراث والوعي بمتطلبات العصر «اقبض»!!
وأعرب القراوي في حفل أقيم لهؤلاء «العلماء الربانيين»، الذين يبلغ متوسط أعمارهم العشرين عاما، أعلن عن سعادته بالقائمين على البرنامج، وهم في غالبيتهم من المنتمين لاخوان مصر، لما قدموه من إنجازات علمية (!!) وسلمهم جوائز قيمة لجميل أعمالهم (!!) وفي ختام ذلك الحفل ألقى الشيخ أحمد الفقيه، أحد المشرفين العظام على برنامج التدريب، كلمة قال فيها بالحرف الواحد «.. ان علماء فيما مضى (هكذا) لم يدخلوا جامعات ولم يحصلوا على شهادات، وان الله أنار بصيرتهم، لأنهم طالبو علم (!!)».
أين أنت أيها القاضي الفاضل حسين الحريتي من هذا الظلم للعلم، والهدر للمال العام؟
للاطلاع على تفاصيل أكثر وصور «العلماء الربانيين» انظر «السياسة» (عدد 2 - 4).

الارشيف

Back to Top