تعالوا لننهل من العيش لذاته

بفضل أسعار النفط العالية أصبح لدى الكويت فائض مالي كبير. ولو استثنينا ما صرف على التحرير، أو ما سرق وضاع من استثمارات في الخارج، لأمكن القول ان الحكومة لم تصرف الكثير في السنوات الثلاثين الماضية. ولهذا، يعتقد البعض أن ذلك التقتير وشح المشاريع الكبيرة يجب أن يقابلهما الآن صرف سريع وواسع، وهنا تكمن الخطورة! فمن الواضح أن بنيتي الدولة، الفوقية والتحتية، غير مؤهلتين أصلا لمقابلة الاحتياجات الحالية للسكان، فكيف ستكون الحال عليه عندما يصل العدد الى أربعة أو خمسة ملايين نسمة؟! علما بأن الدولة تعاني حاليا شحا في الكفاءات، فكيف بالمستقبل؟! فمعاناة مناطق كثيرة من انقطاع في الكهرباء وانفجار محولات وخروج آلاف خطوط الهاتف من الخدمة وتعطل مصافي النفط وحدوث حرائق في مرافق متعددة.. هي جميعها نتيجة سوء التنفيذ والإشراف في مختلف الأعمال المدنية والكهربائية والميكانيكية في السنوات السابقة، إما بسبب عيوب قانون المناقصات المركزية، التي حرصت على ترسية الأرخص من المناقصات أو شراء الأرخص من المواد، مع غياب واضح للضمير لدى غالبية من نفذوا وأشرفوا على تلك الأعمال، أو في أحسن الأحوال قلة خبراتهم، قبل عشر أو عشرين سنة!
السيناريو السابق سيتكرر حتما، فالكفاءات شبه معدومة، والنظام التعليمي مهترئ والأجهزة الإشرافية فاسدة، وليس هناك ما يشجع على صرف أموال الأمة على ما يسوى ولا يسوى من مشاريع، ولكن يبدو أن البعض يريد الاستفادة من الفوائض المالية بطريقة أو بأخرى قبل أن تفقد قيمتها أو تسرق أو تصرف على شراء الخردة!
يقول أحد المهندسين -وسبق أن سانده مهندس آخر في مخاوفه-: إن أكثر من مرفق حيوي بالغ الخطورة والأهمية، كالمطار ووزارتي الطاقة والمواصلات، تعاني الأمرين، سواء من اضطرارها الى توظيف المتردية والنطيحة من مخرجات معاهد التعليم والتدريب. كما تشكو جهات عدة من الأنظمة والقوانين الحالية التي تجبر العديد من الشركات المنفذة للأعمال الفنية الدقيقة وحتى الخطرة على الاستعانة بــ «خبرات وكفاءات كويتية»، وهي على علم بأن هؤلاء يمتلكون كل شيء إلا الخبرة والكفاءة! فكيف يشرف على مشاريع بعشرات الملايين خريجو معاهد تطبيقية داخلية ومن حاملي شهادات هندسة من الخارج، وهم الذين لم يغادروا الكويت أصلا، ولا يعرفون الفرق بين «إز» و«واز» الإنكليزيتين؟ والخطورة أن نتيجة عمل هؤلاء لن تظهر إلا بعد سنوات من مغادرتهم لكراسي مناصبهم، ووقتها لن يتساءل الطيار عمن أعد وجهز له «براشوته»، لأنه سيكون قد مات نتيجة عدم فتحه في الوقت المناسب. ويبدو أن نواب مجلس الأمة الممثلين لهذه النوعية من «المهندسين» والخبراء هم المعارضون الأشداء لمشاريع الخصخصة التي ستكشف «عوراتهم» كوادرهم في اليوم الأول!
* * *
• ملاحظة: حذّر نواب من أن قانون الخصخصة سيجعل الكويتيين يعملون «صبّـابي قهوة» لدى التجار! والغريب أن النواب أنفسهم سبق أن أصدروا قوانين تجبر التجار على توظيف الكويتيين لديهم!

الارشيف

Back to Top