منجزات ابنة المشعان الكبيرة

أعلن أحد الولاة العباسيين أن من يعلّم بغلته المفضلة، وكانت حينها بمقام فولفو 13 سلندر، القراءة والكتابة فسيعطيه ألف دينار، وإن فشل فسيقطع رأسه. تقدم الكثير من الأغبياء للمهمة، وفشلوا فضُربت رقابهم! لكن بعد فترة تقدّم «جحا» للمهمة، وعاد من قصر الوالي، يجر البغلة خلفه، وسط سخرية أهل المدينة، وعندما سألوه عن سر جنونه، وهو المعروف بذكائه، رد قائلاً بأنه طلب من الوالي أن يعطيه أولاً الألف دينار، ويمهله فترة طويلة ليتمكن من إتمام مهمته! ضحك الجميع من غبائه، فكيف لبغلة أن تتعلم القراءة حتى بعد عشر سنوات، فبرر جحا تصرفه بأنه سيستمتع بالمال في السنوات القادمة، وبعدها ستقع، غالباً إحدى المصائب التالية: ستنفق البغلة، أو يموت الوالي، أو يموت هو!
***
تذكرت تلك الطرفة، وأنا أقرأ عن مباشرة وزارة الأشغال بحل مشكلة خراب طرقنا، وترسية عقود صيانة بعض المناطق السكنية على الشركات المحلية.

لا شك لديّ في حسن نية الوزيرة الفاضلة «نورة المشعان»، وفي إخلاصها، فمن لقائي بها، بناء على كريم طلبها، وجدت فيها العزم ونية العمل والشجاعة على مواجهة الخطوب، وهي أهل للمهمة، وما كان من المستحسن إرهاقها بـ«وزارة» البلدية، مع كل فساد وهموم وزارة الأشغال، وأتمنى من كل قلبي أن تعود وزيرة أشغال (فقط) في الوزارة الجديدة.

أخبرتها في اللقاء بأن من الضروري الإسراع في ترسية العقود على الشركات المحلية، ففكرة الاستعانة بشركات أجنبية كانت فكرة سخيفة وغير عملية أصلاً! كما أخبرتها، وكانت على علم بذلك، بأن من الصعوبة بمكان الاستعانة بموظفي الوزارة، وجيش مهندسيها الأشاوس، الذين لا «خلق لأغلبيتهم على الدوام»، رجالاً ونساءً، ولا القيام بمهمة الإشراف، حتى على أقل الأعمال صعوبة وتعقيداً، من الضروري بالتالي قيام جهة من «خارج الوزارة» بهذا العمل، ولو بصورة مؤقتة، بسبب الحاجة للتحرك السريع، خاصة مع وجود خريج شريعة على رأس وزارة فنية تماماً (!!).

يبدو أنها لم تقتنع باقتراحي، أو لم تحصل على الموافقات، فقد علمت من مصادري أن ليس بالإمكان الاستعانة بجهات محترفة وخارجية للقيام بعملية الإشراف، لأسباب لوجستية ومالية، وهذا يمكن تفهمه! وبالتالي سيكون إشراف الوزارة على أعمال المقاولين من نوعية غير ما طالبت به، وهو المتفق مع المنطق، وقد ينتج عن ذلك بقاء الحال على وضعه، وربما سنكتشف بعد بضع سنوات أن وضع الطرق عاد إلى ما كان عليه، حينها ستنطبق نظرية الاحتمالات الثلاثة التي وضعها «جحا» في اعتباره، عندما تعهد بتعليم البغلة كيفية القراءة! فبعد خمس سنوات، وعندما يبدأ الخراب بالظهور للعلن، من سيتذكر حينها من كان المسؤول! نتمنى أن نكون على خطأ، ولكننا تعلمنا من تجاربنا مع «الأشغال» أن نكون حذرين عند تقييم مستوى إشراف الوزارة!

أتمنى على السيدة الوزيرة أن تطلب من كل المقاولين وضع لوحات واضحة في مختلف مواقع المشاريع، تبيّن بوضوح اسم الشركة المنفذة، ليتذكر الناس أنها هي التي قامت بتنفيذ المشروع، وسيتم تالياً إما مدح الشركة أو لعنها.. وهذا نوع من الردع غير المباشر.

كما لا ننسَ تقديم خالص الشكر للوزيرة نورة المشعان على نجاحها في تذليل كل العقبات أمام إنهاء وضع دوار «العبدالرزاق»، الذي كان لسنوات يمثّل دليلاً على خراب ودمار الإدارة الحكومية!

نتمنى لها التوفيق، وهي تستحق كل الدعم والاستمرار في مهمتها «شبه المستحيلة».

وإلى مقال الغد.. في السياق نفسه!

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top