الكيس المظلوم

أصبحت كاليفورنيا، قبل عشر سنوات، أول ولاية أمريكية تحظر استخدام الأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، وهذا شجّع ولايات أخرى للاقتداء بها، وأصبح البلاستيك بعبعاً، ومع هذا لاحظ الناشطون البيئيون مؤخراً أن نفايات الأكياس البلاستيكية، من حيث الوزن، تتزايد إلى مستويات غير مسبوقة. ففي العام الذي أقرّ فيه المنع تم التخلص من 158 ألف طن من تلك النفايات في كاليفورنيا وحدها، وبحلول عام 2022، ارتفع إلى 231 ألف طن، بزيادة 47 % وارتفع نصيب الفرد من 4 أطنان لكل ألف في 2014 إلى قرابة 6 أطنان لكل ألف في 2022.

تبيّن أن المشكلة كانت في مادة من قانون المنع سمحت لمحلات البقالة وكبار تجار التجزئة بتوفير أكياس بلاستيك أكثر سمكاً وأثقل وزناً للعملاء مقابل دفع 10 سنتات للكيس، لحثهم على إعادة استخدامها لمرات أخرى، كما إنها مصنعة من مواد قابلة لإعادة التدوير بنسبة 20 % لكن نظراً لأنها لم تكن تبدو مختلفة كثيراً عن الأكياس الهشة التي تم منعها، فإن الكثير من الأشخاص لم يعيدوا استخدامها فعلياً، على الرغم من أنها تحمل رمز «إعادة التدوير».
* * *
لولا نظرنا إلى داخل أكياس التسوق البلاستيكية، التي منعت دول كثيرة استخدامها في البقالات ومحال التجزئة، وما وضعناه فيها ونحن نتسوق، من مواد غذائية وأخرى استهلاكية، لوجدنا أن ما بها من فواكه ومواد غذائية، طازجة أو معلبة، ملفوفة أصلاً بمواد بلاستيكية أو مشابهة لها، كالمواد الرغوية، الفوم، أو معبأة في مواد بلاستيكية، مثل الآيسكريم ومنتجات الألبان والكاتشب وخلطات السلطة والعسل والخضار والعصائر الطازة، ومئات المواد المشابهة. أما غير الغذائية، فالوضع مضحك أكثر، فغالبية حاوياتها مصنوعة من البلاستيك، مثل الشامبو والكونديشنر وأدوات ومواد التنظيف وغيرها الكثير. كما إن المياه تصل بيوتنا عبر مواد مصنوعة من البلاستيك، واستبدالها بمواد نحاس أو رصاص أو حديد مجلفن ضار ومكلف كثيراً. كما يدخل البلاستيك في آلاف الصناعات من ملابس وفرش أسنان وأدوات تجميل ونظارات طبية، وإكسسورات السيارات والطائرات والبواخر والأثاث، والأحذية، وأغطية المعسكرات ومزارع الخضار والفواكه والدواجن والحيوانات، وبالتالي من المضحك التركيز على الأكياس البلاستيكية، وترك آلات العبوات الأخرى، التي تلوث البيئة من دون قيود على استخدامها. وبالتالي فإن البلاستيك سيبقى في حياتنا لعقود عدة قادمة، وسيبقى النفط سيداً، وهو مصدر البلاستيك، لسنوات طويلة قادمة.

هذا لا يعني أبدا ترك الموضوع كما هو، فالكثير لا يعلمون حجم ما يدخل في أجسادنا من مواد بلاستيكية متناهية الصغر، تبلغ مئات الآلاف، من خلال قنينة ماء بلاستيكية بحجم ليتر ونصف الليتر. وبالتالي علينا جميعاً، كأفراد ومجتمع وحكومة، السعي لزيادة نسبة ما يعاد استخدامه من هذه المواد، فهذا هو الحل الفعّال، وليس منع استخدام البلاستيك في حياتنا، فما يدرك جلّه، لا يترك كلّه!

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top