صالح.. صاحب الأسماء الثلاثة

أنا أكبر من «صالح» عمراً ببضع سنوات، ويكبره بالطبع كل من وُلد قبله، ومع هذا لا نتردد، جميعاً تقريباً، في مناداته بالعم صالح، أو أبو فضالة، أو أبو يوسف، فهو من جيل عشق الكويت بإخلاص وحب، وبذل الكثير من أجلها، وكلما زاد انتقاد البعض له، وكراهيتهم لمواقفه، زاد احترام المخلصين له، تأسياً ببيت أبو الطيب المتنبي (915 ــ 965):

وَإِذا أَتَتكَ مَذَمَّتي مِن ناقِصٍ فَهِيَ الشَهادَةُ لي بِأَنِّيَ كامِلُ
* * *
هذا هو النائب السابق والشخصية الوطنية صالح الفضالة، رئيس جهاز المقيمين بصورة غير قانونية، فبحكم منصبه فإنه شخصية مثيرة للجدل، وبقدر ما له معجبين يحترمون عمله وما أنجزه، بقدر ما هناك من يبغضه ولا يتمنى له الخير، وينتظر اليوم الذي يغادر فيه عمله في الجهاز، فهو يقف، ومن ورائه القيادة التي عينته، والتي أعادت تأكيد ثقتها به وبقدراته، من خلال التجديد له، يقف في «بوز المدفع»، مدافعاً عن هوية الكويت الوطنية الحقيقية، وضد كل من يسعون منذ سنوات لتخريبها، ونجح الكثيرون في ذلك، مع الأسف الشديد، وكان من الممكن جداً أن يكون «خراب الهوية الوطنية» أشمل وأعم وأكثر خطورة لولاه وفريقه الذي يعمل معه.

يعتبر صالح الفضالة من السياسيين المخضرمين، فقد شارك في الانتخابات النيابية لأول مرة قبل 43 عاماً، وفاز فيها متصدراً، ليصبح رئيساً للجنة التشريعية، ثم يدخل انتخابات عام 1985 ويفوز في المركز الأول، ويتولى منصب نائب الرئيس، ثم يستمر في مسيرته النيابية، ويفوز في انتخابات عام 1992، بعد التحرير، ويتولى رئاسة لجنة تقصي الحقائق عن الغزو العراقي الغاشم والظالم. وفي انتخابات 1999 يفوز أيضاً، ويتولى رئاسة لجنة الأسرى والمرتهنين، وأخيراً يفوز في انتخابات 2006، ويتولى رئاسة لجنة حقوق الإنسان، لتصبح تلك مشاركته الأخيرة في مسيرته النيابية، ليتم اختياره بعدها، وعن جدارة، في نوفمبر من عام 2010 ليكون رئيساً للجهاز المركزي لمعالجة أوضاع غير محددي الجنسية، أو ما يعرف بجهاز «البدون»، وكان اختياراً موفقاً، فقد اشتهر عنه معرفته بأنساب أهل الكويت وعوائلها، وحتى بعض قبائلها، ولتنفتح أبواب الجحيم في وجهه، فكلما زاد الهجوم عليه زادت ثقة الوطنيين به.

لا ينكر إلا جاهل أن هناك حالات، بين البدون، تستحق منحها جنسية الدولة، وهناك من ظلموا، لسبب أو لآخر، لكن هذا ليس عمل الجهاز المركزي، وليس ضمن مسؤوليات رئيس الجهاز، الذي ينحصر عمله في أن يكون سداً منيعاً أمام كل من يريد تخريب نسيج الدولة الاجتماعي، فوق ما تعرض له، على مدى نصف قرن، من تخريب وإفساد.

العم صالح الفضالة ليس محبوباً من فئة معروفة، ولا شرهة عليهم، ولكنه بنظر الغالبية الساحقة والماحقة من الشعب الكويتي يعتبر السد الذي يستحق الدعم والإشادة بما يقوم به، وهذا ما قمنا به في هذا المقال، وهو يستحق أكثر من ذلك بكثير.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top