الربيعي والفئات الثلاث

يعد التعليم العالي والبحث العلمي من أهم عوامل التطور والتقدم في أي دولة أو مجتمع أو حتى مصنع صغير، فبغيره لا ضمان في التقدّم ولا حتى في عدم التأخر.

تواجه الأمة العربية تحديات ضخمة في التعليم والبحث، ولأغلبيتها ربما أعذارها بسبب ظروفها السياسية والمادية الصعبة، وفساد أنظمتها، ولكن ما هو عذرنا في الكويت؟

واضح لكل بصير أن «التعليم» لا يحظى بأدنى اهتمام في الكويت، غير الصرف الباذخ على الرواتب. وواضح أيضاً أن الحكومة تتبع مقولة رئيس مجلس النواب اللبناني الراحل أحمد الأسعد، عندما انتقده ناخبوه لعدم وجود مدارس في قراهم، فرد عليهم بأنه يقوم، من أجلهم، بتعليم ابنه «كامل»!
***
يقول البروفيسور العراقي، المغترب، محمد الربيعي، إنه كرّس تقريباً كامل وقته، منذ عقدين، لدراسة وضع التعليم في الدول العربية، والعراق بالذات، خصوصاً في المجالات العلمية، فلاحظ انعدام البنية التحتية اللازمة للتعليم، وضعف الموارد المادية والبشرية، واستخدام تقنيات تدريس قديمة تركز على التلقين، وعدم الاهتمام بالتفكير النقدي والتحليلي، ورفض تطبيق التقنيات الحديثة في مجال التدريس والبحث العلمي، وغير ذلك!
***
من حسن حظ الكويت أن الظروف حبتها بشخصية كالنائب حمد المطر، ممثلاً عن حزب الإخوان المسلمين، ورئيس اللجنة التعليمية، الذي وضعت الأمة آمالها في تطوير التعليم على كتفيه الشريفين، لكنه انشغل عن المهمة ــ وأيضاً لحسن الحظ ــ بمطالبة الحكومة، من خلال كتاب رسمي موجّه إلى رئيس المجلس، بضرورة افتتاح محل لتبديل زيوت السيارات (البنشر) في مدينة صباح الأحمد!
***
الطبيب الجيد بحاجة لتعليم جيد.

المهندس الجيد بحاجة لمعلم جيد.

السياسي النظيف بحاجة لتعليم متقدم.

الممرض البارع بحاجة لنظام تعليمي مميز.

وهكذا مع كل المهن والأعمال الأخرى، من دون استثناء. فبغير التعليم لا يمكن لأية دولة أن تتقدم.

ينقسم المعنيون بالأمر إلى ثلاث مجموعات:

الأولى تعرف أهمية التعليم، وتعرف خطورة الوضع، وهي قلة مغلوب على أمرها، وليس بيدها فعل شيء، أو أنها فقدت الأمل تماماً فاستسلمت للوضع.

والثانية تتصرف وكأن الأمر لا يعنيها، فلديها ما هي بحاجة إليه، داخل البلاد وخارجها، وتقدم التعليم وتطويره يقع في ذيل قائمة اهتماماتها. فهي تود أن تغرف وتمشي، متى ما تبين جفاف الضرع، ويباس الزرع.

والثالثة، وهي التي تمثّل الأغلبية العظمى، تم تجهيلها، وغالباً عمداً، مع سبق الإصرار، من خلال توجيه انتباهها لأمور أخرى، فأصبحت بالتالي لا تعرف وين الله حاطها!
***
عليكم التفكير، معي، في الأمر ملياً، فربما هناك أمل ما، أو بصيص ضوء ما، لكني لا أستطيع تبينه، ولا رؤيته، في نهاية النفق!

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top