خطر الأندية الصيفية ودور القرآن

يبدو أننا، وقبل أن تعود الأمور إلى مسارها الصحيح، المتسق مع التقدم العام للبشرية نحو الانفتاح والتحرر من قيود التزمت، سنرى استشراءً في قوة التيارات الدينية، وبالذات الإخوان، إضافة إلى الجهيمية والسرورية والسلفية وغيرها من سقط المتاع. ويبدو أن جهات عدة تعرف اتجاه الرياح السياسية الحالية، وتحاول الاستفادة من الوضع بأقصى درجة ممكنة.

يقول وكيل الأوقاف المساعد لقطاع شؤون القرآن الكريم والدراسات الإسلامية، إبراهيم العتيبي، المسؤول عن دور تحفيظ القرآن، إن رواتب المحفظين سيتم النظر في رفعها قريباً، كما سيتم النظر في الإسراع في دفع مكافآت الأعمال الممتازة، التي يستحقها الجميع هذا العام لجهودهم «الكبيرة»! وقال إن هناك 40 ألف طالب وطالبة يتلقون دروس تحفيظ في هذه الدور، وهو رقم ليس ضخماً فقط، بل إنه مرعب بكل المقاييس، وغالباً غير صحيح.

فإن كان الرقم غير صحيح، فهذا خطأ يحاسب عليه المسؤول من خلال إعفائه من منصبه، وإن كان صحيحاً، وهدف هؤلاء الطلبة المكافأة التي تصرف لهم، فيجب محاسبة المسؤولين عن الفكرة، فما يجري هو هدر لأموال الدولة وتخريب أخلاقي للمشاركين في دروس التحفيظ من أجل المال.

والرقم غير الصحيح يعني أن هناك تلاعباً وتضخيماً لدور هذه الدُّور بغية زيادة ما يخصص لها من أموال، وإذا كان الرقم ــ 40 ألف دارس و200 مركز تحفيظ ــ صحيحاً، فهذه كارثة أيضاً، فكيف تحتاج هذه النسبة العالية من السكان، من صبية وشباب، وحتى من بلغوا منتصف العمر، دروساً في حفظ القرآن الكريم، مع كل ما تلقوه من دروس في الحفظ في مدارس الدولة، وضمن مناهجها، على مدى أعوام طويلة؟

وأخيراً، إن كانت الأغلبية التي تدرس في هذه المراكز من غير الكويتيين، فهذا يبين أموراً كثيرة، خصوصاً أن من يقومون بالتدريس فيها غالباً لا يلتزمون بدوام كامل، وعملهم سهل مريح، وهناك «تعاون كامل» بين كل العاملين لجعل الدوام مرناً، أو «لا دوام»، وبراتب كامل!

غني عن القول إن من يرغب في حفظ القرآن ليس بحاجة إلى الدخول في مشقة الذهاب لمعاهد ودور التحفيظ، فالإنترنت ممتلئة بهذه الوسائل، والأفضل القضاء على أمية الكمبيوتر لدى هؤلاء، فتعليم الإنسان كيف يصطاد أفضل من إطعامه سمكة!

يبرز سؤال عن سبب تركز دور التحفيظ في مناطق معينة، مثل سعد العبدالله والقيروان وعبدالله المبارك وغرب عبدالله المبارك والقصور، وصباح الأحمد السكنية والمطلاع وجابر الأحمد، مقارنة بغيرها، الأكثر انفتاحاً وقدماً، وما الحاجة حقاً إلى 200 مركز، وهذا يتطلب جهازاً إدارياً ضخماً لإدارتها، دع عنك حجم الهيئة التعليمية، التي يتلقى على أيديها 40 ألف طالب وطالبة التعليم القرآني؟

كما بيّن الوكيل أن الوزارة تشرف أيضاً على الأندية الصيفية، التي يتم فيها التركيز، طبعاً، على الدراسات القرآنية. ويقال إن الإخوان المسلمين يسيطرون تماماً على كامل أنشطة هذه الأندية، وتعتبر مفرخة لكوادر المستقبل، سواء من خلال معاهد الدراسات الإسلامية، أو السراج المنير، أو حلقات شؤون القرآن الكريم، خصوصاً أن أعمار الملتحقين بهذه الجهات تبدأ من السنة الخامسة. أما مراقبة الدراسات الإسلامية، فتبدأ من سن الـ15 إلى 55 سنة، ومراقبة السراج المنير، وهي الأخطر، فإن الدراسة بها تبدأ من عمر 8 سنوات إلى 14 سنة، ويبلغ عدد إجمالي المستفيدين من أنشطتها أكثر من 7 آلاف طالب وطالبة شاركوا في النادي الصيفي، الذي ينظمه قطاع الدراسات الإسلامية وعلوم القرآن الكريم في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

لا أحد، كما يبدو، يكترث بما يجري في هذه المراكز والدور، من تجاوزات وتسيب إداري، وتخريب لعقول الناشئة، ويوماً سنستيقظ جميعاً على حجم الكارثة، التي تجاهلنا، وهي في المهد، فأصبحت غولاً تصعب السيطرة عليه!

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top