كارثة الطرق القادمة

نعتذر للجميع، مواطنين ومقيمين، عن وضع الطرق، والحقيقة أنها ستسوء أكثر، وسيطول إصلاحها لسنوات، قبل أن تستقر الأمور، إن استقرت، مع استشراء الفساد في كل مفاصل الحكومة.

إصلاح كامل طرق الدولة، السريعة والرئيسية والفرعية والجانبية، يتطلب رصد مليارات الدنانير، وهذا يعني أن في الفخ طيراً كبيراً ستتم الاستفادة من لحمه وعظمه وشحمه وريشه!
***
تتعذر وزارة الأشغال بعدم وجود ميزانية لصيانة الطرق، وهذا أمر مخجل بالفعل، إن صح، فلا يمكن لعاقل تصديقه، فما الذي يمنعها من طلب صرف ميزانية صيانة مؤقتة، إضافية، مثلما حدث مع الكثير من الوزارات، ولمئات المرات، ولأمور أقل أهمية بكثير من صيانة حفر الطريق، التي يتزايد عددها ويكبر حجمها يوماً عن يوم!

تقاعس الحكومة دفع أحد المواطنين إلى الإعلان عن استعداده لتمويل شراء مواد صيانة الطرق، وطلب متطوعين للعمل معه، وهذا عرض غير منطقي، فما هي خبرات من سيقوم بهذا العمل؟ ومن يتحمّل تكلفة التأمين على حياتهم ومعداتهم أثناء العمل على الطرق السريعة؟ فالمسألة ليست بتلك البساطة، فالمشكلة أخلاقية وتنظيمية عميقة!
***
‏إن عملية إصلاح الطرق شاقة وطويلة، ودخول عدد من الشركات، المحلية أو الأجنبية، في المنافسة لن يحل المشكلة، فهذه الشركات تعلم مسبقاً أن وضع مصنع إنتاج البيتومين لا يسر، ومعداته متقادمة، ولا قدرة لديه على تلبية كل احتياجات هذه المادة الأساسية لرصف الطرق، وهذا سيدفع الشركات العالمية إلى الامتناع عن المشاركة في المنافسة، وبالتالي لن تبقى في السباق إلا الشركات «النص نص»، ويبدو أن هذا هو هدف البعض، خاصة أن بناء مصنع آخر لإنتاج البيتومين مسألة مكلفة وصعبة، وغير مجد اقتصادياً.

‏كما أن فرق الطوارئ في وزارة الأشغال متخلّفة، وبعضها فاسدة، وفشلت قبل أيام، وللمرة العشرين، في تشغيل مضخات شفط مياه الأمطار، بعد أن سُرقت بطارياتها، هذا غير حاجتها المستمرة إلى الصيانة.

كما أن مشكلة وزارة الأشغال لا تكمن فقط في عجز مصنع البيتومين المتهالك عن تلبية الطلب المستقبلي الكبير، بل وأيضاً بطء الدورة المستندية بسبب البيروقراطية القاتلة فيها، خاصة بعد تجميد عمل ودور «هيئة الطرق» كلياً، وتردد الوزارة الواضح في اتخاذ أية قرارات حاسمة، ورفضها طرح أية مناقصات عمل أو صيانة للطرق، خوفاً من الوقوع في الخطأ، فهي على دراية تامة بأن من يعمل يحتمل أن يخطئ، وهذا يعني النقد والهجوم، وإن لم يفعل شيئاً فلا لوم ولا تقريع، وهذا ما حصل، فأغلبية الوزراء الذين لم يفعلوا شيئاً، ولم يرتبكوا أي خطأ، تم التجديد لهم في الوزارة!

الخلاصة: الانتهاء من إصلاحات الطرق مسألة طويلة، وما على أصحاب ورش إصلاح السيارات إلا الدعاء بطول العمر لمسؤولي الأشغال، والصرف على توسيع أعمالهم لمواجهة الطلب المتزايد على خدماتهم في السنوات الثلاث المقبلة.. على الأقل!

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top