الإحسان.. لمن يستحق ولا يستحق

كان شهر رمضان، وسيبقى مميزاً، شهر استغلال المناسبة لفعل الخير، وتحقيق الثراء السهل، للبعض الآخر، على شكل حصة أو بصفتهم من «القائمين عليها»!

حرصاً من «جمعية الصداقة الكويتية الإنسانية» على تطبيق أعلى معايير الشفافية، منذ تأسيسها قبل خمسة أعوام، ونحن نسعى إلى التميز بشفافيتنا، ورفضنا استقطاع أي نسبة من التبرعات التي نتلقاها، والحرص على القيام بعكس ذلك من خلال تبرعنا للجمعية، وإثرائها بدلاً من الإثراء منها، حيث لا يحصل أي عضو على شيء من الجمعية، وعمله تطوعي بحت، ولا يقبل حتى بتوظيف أقاربه أو التعامل مع الجمعية في أي نشاط.
***
في تصرف مثير للاستغراب، أعلنت جمعية «خيرية» عن وصول مبشريها إلى عمق أدغال غابات الأمازون، ونجاحهم في إقناع خمسة من رجال الغابات بدخول الإسلام!

لست معنياً بتصديق أو نفي صحة «مهمة الأمازون»، ولكن كيف يمكن الاقتناع بصحة هدف الجمعية، التي صرفت غالباً عشرات آلاف الدنانير من أموال الخيرين، للوصول إلى أعماق الغابات، التي تبلغ مساحتها 7 ملايين كم2 (مساحة الكويت 17 ألفاً فقط) وهداية خمسة رجال، ولا أدري بأية لغة تواصلوا معهم، وكيف اهتدوا، ومن سيتواصل معهم مستقبلاً؟ علماً بأن سكان الأمازون يتكلمون بآلاف اللغات غير المكتوبة، وإن صح خبر الجمعية، فهي بمنزلة أغلى عملية «هداية» في تاريخ الدعوة على مدى 1400 سنة!

يوجد في الكويت من هم أكثر حاجة من هؤلاء الخمسة للمساعدة، سواء لتحويلهم إلى الإسلام، أو للصرف على علاجهم، أو تعليمهم، بدلاً من السفر لـ12 ألف كم لهداية خمسة رجال من سكان الغابات!

لا أدري كيف أصبح تعليم القريب، وطبابة ابن العم، أقل أهمية من رجال الغابات؟
***
كما تقوم جهة أخرى، ومنذ سنوات، بجمع الملايين، بحجة كفالة داعية، لهداية الناس إلى الإسلام!

لم تنشر هذه الجهة يوماً، بعكس ما فعلنا ونفعل في جمعية الصداقة، كشوفاً بما جمعته، ولا بما صرفته، ولا بعدد من تكفلت برعايتهم كدعاة، ولا عدد من «اهتدوا» على يد دعاتها، المجهولين غالباً، ولا عمن يدفع للدعاة رواتبهم ولا مبالغها، ولا أين يذهبون للهداية، بل فقط «تبرعوا لنا، وما لكم شغل فينا»! فهؤلاء يعلمون أن هناك دائماً ساذجاً يبحث عن فعل الخير في المكان والزمان الخطأ.
***
من جانب آخر، كشف الناشط السعودي حسين الغاوي، من خلال مقابلة وتغريدات، عن بعض ما اكتنف حملة تبرعات، قد تكون الأكبر، بعنوان «أمة واحدة»، التي تهدف، برعاية التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، إلى جمع التبرعات لإغاثة المتضررين من الزلزال في تركيا وسوريا!

ذكر أن الحملة ترأسها أكاديمي، وسياسي كويتي سابق «شاف كيف»، ظهرت صورته في بوسترات ضخمة مع صور عشرات المحسوبين على التنظيم، وعلى بعضهم علامات استفهام وتلاعب في أموال الغير، ومنهم من «رحل» من الكويت، ونائب كويتي سابق سبق أن شارك في الحرب الأهلية في سوريا، التي سميت «ثورة»، وكانت أقرب «للثوارة»، إضافة إلى غيرهم، ووصفوا جميعاً، في البوسترات، بقيادات عربية!

وأضاف الناشط حسين أن أموال الحملة تذهب لحساب جمعية تركية عليها شبهات. كما أن التي تقوم بتوصيل المساعدات إلى الداخل السوري هي جمعية مقرها إسرائيل، وتستقبل التبرعات بالشيكل. كما كشف الغاوي أموراً كثيرة أخرى، وتحدّى كل من ورد اسمه في الفيديو والتغريدات تكذيبه!
***
كما أعلنت جمعية أخرى، وعلى المنوال نفسه، التبرع لها لحفر آبار في دول فقيرة. ولو قسمنا ما تم جمعه لهذا الغرض على مدى نصف قرن، لأصبحت أراضي تلك الدول عبارة عن ملايين الحفر والآبار.

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top